#رفقة،،، بقلم: آيات عبد المنعم
بقلم: آيات عبد المنعم
غُروبٌ آخرٌ، وشمسُ النَّهارِ غَارقةٌ، تَتوهَّجُ بطُولِ الطَّريقِ، وعَلَى أغصانِ الشَّجرِ.. تَحتضِنُ الأطفالَ فِي كَرَمٍ مُعَنَّى لجَمعِ أوْراقِهَا وكِتَابةِ الأسْماءِ والتَّوَارِيخ.. نُدَوِّنُ عليْهَا ميراثًا راحلًا مِنَ الأُلفةِ والبَراءةِ قَد لَا يَتكررُ؛ فنَقَرُّ بهِ ونَستنِدُ عليْهِ
وعَلَى الجِدارِ المُنقَضِّ للمَدرَسةِ القَديمةِ.. وفِي مُحاوَلةٍ جَديدةٍ لِلتَّعَلُّمِ.. قَد تَعلَّقَتْ أعينُنَا بالمَسَاءِ المَتَطَفِّلِ عَلَى حِكَاياتِنا السَّمْرَاء.. حِكَاياتِ الرِّفْقَةِ والصِّبَا
بَدَى الرَّصِيفُ أضيقَ مِنَ اسْتِيعابِ الخُطواتِ السِّحريةِ الأُولَى، لِيدفعَ بأصواتِنا والظِّلِّ المُتَرَنِّحِ -بَهجةً- بعيدًا عَلَى مَتنِ الطَّريقِ.. قَارعةٌ مِنْ تِلكَ الدَّهمَاءِ تُبْدِعُ فِي السَّردِ، نُباغِتُهَا لِنَعبُرَ هَربًا للنَّاصيةِ.. للوِجهةِ الأُخرَى، فَلَا نَنسَى التَّفاصِيلَ
السُّورُ الحَدِيديُّ المُتَبَقِّي عَلَى حَالِهِ قَد يُؤَرِّخُ للعَابرينَ مِنَ البَوابةِ الرَّئيسيَّةِ، ويُلقِي التَّحيةَ عَلَى البَاعةِ المُتَعَجِّبِينَ مِنْ تَمُرُّدِنَا فِي وَجَلٍ.. فنَحنُ لمْ نَكِلّ بَعد
يومٌ طويلٌ نَسترجِعُ الضَّحِكَاتِ، نُحصِيهَا، نَهيمُ بالغِنواتِ فِي انْتِظَارِ حُبِّنَا الأوَّلِ، نَقرأُ طَالِعًا مَرِحًا مَعَ الغَيمِ، وبَقَايَا البَردِ العَالِقِ فِي الهَوَاءِ المُنعِشِ.. حَتَّى أنَّنَا نَتَسابقُ إلَى المَجْهولِ البَعيدِ لِتُفَرِّقَنَا الطُّرقاتُ، والغَاياتُ، وتُنهينَا.. بحُلولِ اللَّيْلِ نَحلُمُ، فنَنعمُ برِفْقتِنَا الطَّيبةِ
صُدورٌ تتفَتَّحُ فِي رياعينِهَا.. وتَروِى ظَمَأً مِنَ السَّنواتِ، تَحمِلُنَا عَلَى جَناحٍ مِنَ الغَيمِ برِفْقتِهَا نَتنهَّدُ وتَتكشَّفُ لنَا السَّمواتُ مِنَ الغَيْبِ القريبِ
مِرآتِي.. والوَجهُ اللَّامِعُ فِيهَا لَا يَكفِي لِيُنيرَ التِّلَالَ المُمْتَدَّةَ فِي المَسَاءِ.. مَا يَجْثُمُ عَلَى القَلبِ قَابعٌ، مُتشَعِّبٌ.. شُجونٌ هِي ذَاتُ السَّبيلِ بطَابعٍ عَتِيقٍ مِنْ طُفولتِنَا.. كِلَاسِيكِيِّ الإيحَاءِ، إيقَاعُهُ بَطِيءٌ
وعَلَى الدِّقَةِ لِي أنْ أسْتَعيرَ مِنْ دَفاترِكِ القَديمةِ يَا صَديقَتِي جُملةً: (مِنْ حُجُرَاتِ الدِّراسَةِ، الدَّرجِ، ورَائحةِ الصَّباحِ فِي شَعرِكِ المُنسابِ والنَّسيمِ) اِرتِجَالِيَّةً مِنْ حَياةٍ عَهِدنَاهَا كلَّ شيءٍ فَاكتفَيْنَا، وامْتَطَيْنَا العُمرَ فَمضَى كلُّ شيءٍ.. وغَابَ عَلَى صَهوتِهَا، وتَبَقَّيْنَا بقوةٍ لَا نَبرَحُ مِنْ خواطِرِنَا سَامرًا نَشتهِيهِ، أوْ نَقُصُّ عَنْهُ للشَّمسِ القَادمةِ فِي رَبِيع
مَقاعدُنَا الشَّاغِرةُ مِنَ الدِّفءِ تَتحدَّثُ عَنَّا، تَضُجُّ الأَرفُفُ، والمِذياعُ الحَانقُ بمُخَيِّلَاتِ مَنْ عَمَّرُوا أرضَنَا، أنَا وأنتِ نتَرَقَّبُ عَنْ كَثْبٍ، نتَحَضَّرُ للصَّدارةِ.. لِجَائزةٍ لمْ نَتبَارَى علَيْهَا مُطلَقًا.. فَجَاءَتْ فِي وَفاءٍ وصِدقٍ، لِندًى يُبَلِّلُ وَجْنَةَ الذِّكرَى أدِيمًا يُشبِهُ جَنَّةَ المَأوَى.. بِحَيِّنَا وشَارِعِنَا القَديمِ.. قَبَسٌ مِنْهُ
رفقة
بقلم: آيات عبد المنعم
Discussion about this post