في اليوم العالمي للمرأة ……. المرأة التونسية نموذج.
بقلم د أشرف كمال.
اذا أردنا ان نتحدث عن المرأة القيادية في جل المجالات الفكرية و الثقافية و العلمية فلن نجد تجربة أكثر عمقا و لا مثالا أبعد هدفا من مثال المرأة التونسية الذي هو ليس وليد العصر الحاضر فحسب بل هو نتاج تراكمات تاريخية ، و كفاح حضاري ، انطلاقا من عليسة مؤسسة الامبراطورية القرطاجنية سنة 221 ق م ، الى فاطمة الفهرية التي تكنى بأم البنين .
و التي جاءت رفقة المهاجرين القيروانيين ، وهي ابنة شيخ جامع القراويين في “فاس” الى خديجة بنت “الإمام سحنون” توفيت سنة 270هجري وي حاملة لواء المذهب المالكي في المغرب الأقصى و أم ملال وهي السيدة بنت المنصور بن يوسف الصنهاجي ، كانت من شهيرات النساء ، و تولت الحكم لسنوات طويلة حتى بلغ المعز ابن بديس رشده ، و قد توفيت بمدينة المنستير بمقبرة قصر الرباط .
من منا لا يعرف قصة الجازية الهلالية، تلك المرأة الحكيمة و الجميلة ، و المحاربة ، و عزيزة عثمانة ، و أروى القيروانية التي اشترطت على جعفر المنصور ، ان تكون العصمة بيدها و لا يتزوج عليها ، فكان ما يعرف بالصداق القيرواني .
ان للمرأة التونسية خصوصيات لا تقارن بثقافة الصحراء و الكهوف و، هي معتزة بهويتها العربية الإسلامية ، و مواكبة لحركة التاريخ ، و روح العصر فالتاريخ يذكر “شريفة المسعدي” كأول امرأة نقابية في الاتحاد العام التونسي للشغل ، و “بشيرة بن مراد” رائدة الحركة النسائية في تونس (1913-1993) ، وهي ابنة محمد بن صالح بن مراد شيخ الإسلام الحنفي.
ساعدت المرأة التونسية على تسلق أرقى درجات التطور و الرقي الموجة الفكرية الإصلاحية من خلال كتابات المصلح الطاهر الحداد خاصة كتاب إمرأتنا في الشريعة و المجتمع و الزعيم الراحل باني تونس الحديثة و محرر المرأة و المجتمع “الحبيب بورقيبة” الذي سن لها العديد من النصوص القانونية التي تتماشى و روح العصر من خلال إصدار مجلة الأحوال الشخصية التي تناولت عدم تعدد الزوجات و الطلاق أمام المحاكم .
و خصها بالحضانة و الولاية ، ثم بعد ذلك جاء نظام الاشتراك في الملكية بين الزوجين، ثم تلتها القوانين المناهضة للعنف ضد المرأة ، كما خصت المرأة في تونس بصندوق الجراية ، و غرامة الطلاق ، في صورة عجز الطليق على تغطية مصاريف الطلاق ، و تمتيع المرأة الموظفة بكامل جرايتها ، مساواة مع الرجل و هذه عناية لم تتوفر في القوانين الأجنبية .
فقد كانت لتجربة تحرير المرأة في تونس ، العديد من الانعكاسات الايجابية ، في مختلف شرايين الحياة الاقتصادية ، و الاجتماعية ، و الثقافية، بعد كسر الحواجز ، و العقد النفسية في مجتمع كان يرزح تحت نيل الفكر الأبوي ألذكوري و فك قيود الهيمنة و التسلط و النهوض بالمرأة المعاصرة .
Discussion about this post