ضرب العقل والفكر أشد فتكاً من ضرب الجسد
ناديا يوسف
هل أصبح التعليم في المدارس على شفير الهاوية
الكل يشتكي ويتذمر من الجيل الناشىء أو كما يقال عنه ” الجيل الطالع” و حالة الفوضى التي هي سمة لشريحة كبيرة منهم هذا ناهيك عن حالة العدوانية أو العنف عند البعض منهم هل باتت هذه الكلمة مألوفة لدينا من حيث استخدامها في كل مكان وهل حقيقة أن السوء في التربية جاء نتيجة إخفاق الأهل والتعليم والمجتمع في ذلك ولماذا تفشت ظاهرة العنف كثيراً وخاصة في المدارس
نسمع قصصاً كثيرة حول الضرب ولكن ليس الذي عهدناه وعرفناه تأديب المعلم للطالب حيث انقلبت الأمور فبتنا نسمع عن الطالب الذي يتهجم على المدرس أو أولياء الأمور هم الذين يضربونه أو يشتمونه وربما يبعثون إليه بعض الأشخاص أو كما يقال بالعامية ” الزعران ” لملاقاته في الشارع و ضربه وأكثر ما نجد هذه الظاهرة في الامتحانات العامة للشهادات ً
من وراء هذه الهوة التي شاعت كثيراً بين المدرس والطالب وأسرته ومن وراء تشويه صورة المعلم الذي يعتبر اللبنة الأساسية في عملية التعليم من حيث التأثير الأكبر في بناء شخصية الطفل وإن كنّا نريد جيلاً قوياً واعياً مثقفاً يجب أن يلقى المعلم الاحترام والتقدير لأننا على يقين بأن التعليم قبل أن يكون مهنة هو رسالة والكثير من المدرسين دخل هذا المجال لشغفه به وليس لأنه مجرد عمل أو فرع جامعة تم قبوله به
وإن كنّا نريد أن نضع يدنا على الجرح علينا أن نبحث عن أسباب تردي حالة التعليم الآن ..
جاءت بعض القرارات التي أجحفت هذ الحق و نالت من هيبة المدرس والتعليم ناهيك عن الأسباب الأخرى الكثيرة منها انتشار التعليم الخاص والدروس الخصوصية التي جعلت المدارس فارغة إلى حدٍ ما هذا بالإضافة إلى أن بعض المدرسين انحدروا في ذلك إلى تمييز الطلاب الذين يأخذون عندهم دروس عن الآخرين مما جعل الطالب في بعض الأحيان ينجرف في أفكاره ويعتبر نفسه هو الذي له فضل على المدرس كونه يعطيه مصدر رزق ثانٍ
ولَم تكن العملية التربوية بمنأى عن التجريب فيها هذا يصح وهذا لايصح ومن تغيير مناهج ومحاولة تطويرها لتتماشى مع ما هو مطبق في البلاد الأكثر تطوراً
ومن المستغرب أن الكثير أصبح يضع المدرس والطالب في مكانة واحدة هناك علاقة متينة ووثيقة بينهما ولكن ليس في نفس الدرجة فالمعلم أولاً ومن ثم الطالب هذا من يبغي صلاح الطالب والمجتمع وتكوين شخصيته. بالطريقة المثلى
تتوجه كل الأنظار والأقلام والكاميرات حول المعلم وكأنه هو المجرم انتهك كل المحرمات ويتصيدون كلماته وحياته والمطلوب منه أن يعطي ويعطي ويتحمل كل شيء من مشاغبة الطالب وتزمت بعض الإدارات التربوية ومعاناته اليومية في قلة وسائل التعليم الحديثة و مزاجات الأهل هذا ناهيك عن ظروفه وحياته الخاصة بكل ضغوطاتها ومشاكلها وخاصة الانتقال من بيته إلى مكان عمله ضمن الظروف الراهنة
وإذا أردنا ان نكون منصفين أيضاً على المعلم أن يطور من أسلوبه وطرق التعليم لديه واعتماد اُسلوب تقددديم المعلومة بطريقة سهلة وواضحة تجذب اهتمام الطالب وأن يبتعد عن أسلوب التلقين فقط وإنما الحوار والمناقشة والتحليل المنطقي..
الضرب بكل أنواعه مستهجن ومرفوض ولكن. هناك بعض الأوقات يحتاج الجميع إلى نوع من التأديب ربما عقوبة معنوية أو مادية المهم الهدف الأساسي يجب أن يكون تصويب الخطأ لا زيادته وهنا يدخل ضمير المربي نفسه أو الشخص نفسه
نحن نصوب السهام حول المدرس وننسى من هم أخطر منه والذين يقتلون الحياة والطموح والأمل في الجيل ويريدون أن يجعلوا منه شخصاً يأكل ويشرب ويلهو فقط دون أن يكون لديه هدف في حياته سوى الإنترنيت والهاتف الخلوي والفوضى في سلوكه من خلال مبدأ الحرية التي أصبحت تعدي على الآخرين وكما يقال ضرب العقل والتفكير أخطر من ضرب الجسد
ورحم الله الشاعر الذي قال
قاتل الجسد مقتولا بفعلته
وقاتل الروح لا تعلم به البشر
Discussion about this post