ارجوك…استمر
قصة قصيرة
كثيرا ما تلقى الصفعات والركلات، أو الضرب بالعصا أو الحزام أو العقال، ناهيك عن الإهانات والشتائم التي تتجاوز التأديب إلى الإذلال وكسر الثقة بالنفس.
وتأتي عقوبة الحرق بالنار من خلال ملعقة محماة على النار؛ وذلك حسب توتر الأب وحقده وكراهيته، وحسب ما واجهه من إهانات أثناء خروجه من البيت إلى العمل، أو إلى أي مكان.
فهو يترصد غلطات وهفوات الصغير لينفس عن غضبه بضربه له.
لم تخل أي مساحة في جسده الصغير، الطري، الغض، من آثار ضرب أو حرق أو جروح أو شقوق قديمة متقيحة.
كان الطفل أحيانًا يتباهى بقوة جسده وتحمله لهذا التعذيب تنفيسًا لضغوط الحياة التي يواجهها الأب القاسي.
أحيانًا كان الطفل القوي البنية يتلقى الضربات وهو يضحك، أو يخفي وجهه ويتظاهر بأنه يتألم، أو يُبلّل مجرى عينيه بلعابه ليبدو وجهه كأنه مبلل بالدموع، لكنه في الواقع كان مستمتعًا بتلقي الضربات.
لكن ما أثار دهشة الأب هذه المرة أن الطفل، وعلى غير العادة بكي بحرقة احتار الأب في أمرها.
لماذا كشف عن وجهه كي تصله الصفعات المباشرة؟ لماذا لم يحم جسده من الصفعات والركلات؟
لماذا كشف عن وجهه كي تصله الصفعات المباشرة؟
لماذا لم يحم جسده من الصفعات والركلات ؟
لماذا لم يُغط وجهه من بصاق الأب الحاقد؟
لكن كل ذلك كان يستفز الأب المتسلّط أكثر فأكثر، ويجعله يتساءل: لماذا لم يعد يصرخ من الألم ؟ لماذا لا يتوسل ولو كذبًا ؟ لماذا لم يعد يخفي وجهه؟
لكنه في الحقيقة لم يكن يرى أو يشعر بما كان يراه ويشعر به الطفل. فبعد أن كان الطفل يتباهى بين رفاقه بقوة أبيه وسطوته، فلن يعود بعد اليوم يفتخر بأبيه.
إن الحقيقة المؤلمة هي أن الأب قد هرم؛ نعم، لقد هرم وضعفت قواه. لقد أصبحت ضرباته الموجعة في السابق أشبه بالمداعبة بدلا من التعذيب.
لقد كان يردد في نفسه:
“لقد انتهى أبي؛ أخشى ألا يكون موجودًا في الأيام القادمة …؟”
كان يتمنى لو أن جسده لم يفقد إحساسه بالألم، لو أن الله كان يستبدل جلده بجلد آخر كلما نضج على نار الأب، حتى تستمر ثقة أبيه بنفسه ويبقى قويا.
لقد كان كلما تلقى الضربات والصفعات المريضة الخائبة يردّد في سره:
(أرجوك يا أبي، استمر… أرجوك استمر، لعلني أشعر بالألم القديم مجددًا؛ لكن… أرجوك… استمر.)
تيسيرالمغاصبه






































