كبرتُ بما يكفي
…………
الآن
وبعد مضي نصف العمر وأكثر
أعيش بنصف أمل ،
و نصف حلم ،،
وأقيم في أقلّ من نصف وطن
كبرت بما يكفي
ونضجت كثيرا ،
لأتأقلم مع هذا العالم الخشن،
فلم يعد يغريني مديح زائف
ولا همسات ناعمة
و لا تعنيني نشوة عطر
لم أعد أكترث كثيرا لاعاصير الزّمن
و ها أنا أقف الآن في وجه الرّيح بكامل هشاشتي وضعفي
كبرت بما يكفي
لأبتعد عن التّفاصيل المملّة
و عن تسلّق الأسوار العالية
عن السّباحة بعكس التّيار ….
لم أعد أُجيدُ اللّهاثَ خلفَ ما لا يُشبهني،
ولا أُحسنُ التّسلّقَ نحو قممٍ لا تُشبه سمائي
كبرت بما يكفي لتنبتَ
حول فمي تجاعيدي الكثيرة والتّي تنزاح قليلا حين أبتسم لك
تجاعيدي الّتي رسمها
حزني وفرحي وتأمّلاتي
وضربات الزّمن الموجعة،
لن أخفيها بحقن البوتوكس
ولا بمبضع الجراح
لن اغيّرَ مسارَها تحت أيّ ظرف
كبرتُ…
تعثّرتُ بما يكفي
لأفهم أنّ بعضَ الخساراتِ كانت خلاصًا،
وأنّ بعضَ الأحلامِ لا تستحقّ السّهر.
لم أعد أُجيدُ المجادلة،
ولا أُحسنُ الوقوفَ على أطرافِ الأمل،
أصبحتُ أختارُ الانسحابَ من المعاركِ الّتي لا تُشبهني،
وأُغلقُ الأبوابَ الّتي تُعيدني إلى نفسي القديمة.
أقولُ لرفيقِ عمري
ذاكَ الّذي خذلته الحياةُ مرارًا ،
دعنا نُعيدُ تعريفَ النّجاة
لا بالانتصار، بل بالتّماسك
لا بالوصول، بل بالقدرةِ على الاستمرار .
دعنا نسندُ أرواحَنا المتعبة ،
نُربّتُ على ندوبِنا ،
ونضحكُ كما لو أنّنا لم نُهزَم
نرمّمُ ما تهشّمَ فينا
لنموتَ واقفين
كأشجارٍ لم تنحنِ يوماً للرّيح
دعنا نتحرّر من أقنعةِ المجتمع
من أعباءِ ذاتِنا
ومن أعباء الآخرين
دعنا نطفىءُ هذا العالم خلف ظهرنا ونمضي
كأنّنا لم نُكسَر
بل كأنّنا نولدُ الآن
بحبٍّ لايُنسى
تعالى لفنجان قهوتي
لأكملَ معكَ الباقي من قصتي
هناك الكثير ممّا نستطيع فعله
و مازال هذا الفضاء يتّسع
لبعض أحلامنا ……
………..
د.ناديا حمّاد
2024






































