رحلة الفناء
أمشي في ليلٍ بلا حدود
أغرق في صمتٍ يصرخ في صدري
النّجوم تنهار كأوراقٍ على البحر
والقمر يختبئ خلف أشباح الفجر
اللّامكان يفتح ذراعيه أمامي
والصّدى يولد نفسه في صمتٍ عميق
أصرخ، فتولد الصّرخة ألف مرة
ثمّ تموت قبل أن تصل إلى أيّ قلب
كلّ خطوة بابٌ يُغلق بلا مفتاح
وروحي معلّقة بين هنا ولا هنا
الهواء يكتب اسمي على الحائط
ثمّ يمزّقه، والظّل يحفر على صدري
الفناء يبتسم ويأخذ قلبي إلى الشّمس
ويزرع جذور شجرة بلا أوراق
العدم يهمس: كن أو لا تكن
وأنا أضحك وأبكي وأذوب في كلّ شيء
وجوه بلا أعين تولد في رأسي
وعيون بلا دموع ترقص في صمت اللّيل
الزّمن يتلوى بين أصابعي كالرّيح
والأحلام فراشات بلا ألوان تهوي
أرى نفسي في مرايا بلا نهاية
ألمس كلّ شيء بلا جسد وأتنفّس بلا رئة
الكون يتفتّت واللّيل مشهد بلا مشاهد
والنّهار يضحك من بعيد وأنا أمشي
رماد الشّمس وقطرات الظّلّ أغمس نفسي فيها
وأصعد بلا أجنحة إلى قلب اللّامكان
أنا كلّ من عاشوا في العدم ولم يولدوا
وكل من صرخوا في صمت اللّيل بلا صدى
كلّ صوت، كلّ لمسة، كل نظرة تتفتّت
ثم تولد نفسها ألف مرة، وأذوب وأعود
الفناء ليس نهاية، بل حديقة الانكسارات
تتفتّح كلّ لحظة كزهرة لا تعرف أنّها زهرة
الرّيح تكتب رسائل بلا معنى على ظهري
والنّار تخرج من عيني، تتراقص على بحرٍ لم يُخلق
أصبح كلّ شيء جسدًا بلا جسد
وصوتًا بلا صدى، وغيمًا بلا ماء
أطفو بين كلّ هذه الأشياء
أجمعها في صدري كطفل يزرع العدم
أضحك وأبكي وأذوب وأكتشف أنّي الفناء
اللّامكان والعدم والأنا في آنٍ واحد
في اللّحظة الأخيرة، أدرك أنّ الحبّ
ليس شيئًا يُحمل، بل جنون يولد ويختفي
كلّ ضوء وظلّ وفناء يولد من جديد
رحلة الفناء واللّامكان – كتبت على تفعيلة (فاعلن)
بقلم الشاعرة د. سحر حليم أنيس
سفيرة السلام الدولي
القاهره 4/11/2025






































