إلى من يتطاول على مصر: جوابٌ من تاريخٍ وحزم .
كتب أشرف كمال :
أيها السيد أحمد — إن كنت تستحق اللقب — اسمع مني قبل أن تتطاول على أرضٍ لها من التاريخ ما لا يُحصى:
بأي مؤهلات تمنح نفسك حق تقييم جمهورية مصر العربية؟ بمَ تستند حين تفتح فمك لتقّيم أمةٍ صنعت الحضارة ونسجت التاريخ سبعةَ آلاف سنة؟ أم أنك تقرأ خرائطك من زاوية من ينتفعون بك؟
أولاً — تعال وتحدّث عن مرتفعات الجولان، عن حلب، عن الغرب السوري بأكمله؛ حدّثنا عن أرضٍ نزفت، عن مدنٍ تهدّمت وقرىٍ نزحت، قبل أن تجرح فخر المصريين بكلامٍ لا يليق. كيف لك أن تتكلم عن من أمدّك بحبل الكرامة والإنسانية، بينما تُقسَم أرضك كما لو كانت غنيمة تُوزّع بين أطرافٍ لا دين لها ولا ضمير؟
مصر التي تنبض بالحضارة صانت كرامة الآلاف؛ مصر التي آوت أكثر من خمسة ملايين سوري، لتكنّ لهم مأوى وكسوة وحماية للشرف بعد أن سُلِبت أعراضهم وانتهكت كرامتهم على يد أمثالكم. مصر التي تحملت ضغوط العالم لتبقى أهل غزة في أرضهم، وتضع الإنسان فوق الحسابات الضيقة والاعتبارات العابرة.
وأنت؟ هل تبقى لك منهجية واضحة أم أنك تبيع وطنك قطعةً قطعة؟ تُنازل عن الغرب السوري، وتوزّع ما تبقى كغنيمة بين أعداءٍ وحلفاءٍ متقلبين، ثم تأتي تُعلّمنا مبادئ الأخلاق والكرامة؟ إن العار لا يُدافع عنه بالكلام، ولا تُمحى رائحة الدماء بغلافٍ من الكلام الفارغ.
كان الأولى بك أن تُحضِر بلدك في قلبك، أن تجمع شتاته، أن تحتضن شعبك اللاجئ على حدود الدول الذين باتوا يحلمون بكسرة خبز وقطرة ماء من منقذٍ لا يلعب دور التاجر في مصائرهم. أن تُعيد ما هُدم، تعالج ما نزف، قبل أن تُصدر الأحكام على دولٍ آوت وصدت وأمنت.
إن لم يخِجلْكَ تاريخُ دماء الشهداء، فليفعل ذلك التاريخ الذي تلطّخت به ثيابك. وإذا لم تستحِ، فافعل ما شئت — لكن ارحل عن أرض مصر وشعبها، بعيداً عن ما هو مقدّس: أبناء الفراعنة، الذين وهبوا العالم حضارةً وكَرماً لا يُشترى ولا يُهان.
خلّ عن مصر بما أطهر لك من الكلام، واحفظ ذاكرتك على ما تبقّى من كرامة قبل أن يُكتب عليك التاريخ بما لم تُحمد عقباه. مصر أبية، لا تُساق بالمديح الذي يقوّض تاريخها، ولا تُهان بتصريحاتٍ تنمُّ عن مصالحٍ خاصةٍ وعُزوفٍ عن عهد الإنسان.






































