بقلم … آلاء فودة
حتّى لو ذهبتَ إلى آخرِ الأرض،
واستعرتَ لسانَ الآخرين،
وطهَّرتَ سيرتَك من الآثام الأولى،
لو استبدلتَ وجهَك ودفّةَ شراعِك
وصرتَ ابنًا لآخرين لم يقطعوا حبالَك
حتّى لو نسيَ العالم:
من أنتَ؟ وما روايتُك؟
ماذا أتى بك إلى هنا؟
ومن الّذين غزلوا خوفَك،
كقِماطٍ حول سُرّتِك؟
وحين يصيرُ لك اسمٌ ووجاهةٌ،
وبلادٌ تذكرك،
ومراثٍ تُبكيك،
لن تنسى …
ولن يطفو طَوقُ نجاتِك
كهدايا آخرِ الرّحلات،
رحلاتٍ قطعتَها مجبورًا وهائمًا،
لا أرضُ تدشّنُ خرائطَك،
ولا سماءٌ ترعى نذورَك.
وظننتَ كما ظنَّ العالم،
أنّك وُلدتَ بجناحين أبيضين
تضربُ بهما هواءَ العالم،
بكتابٍ فارغٍ من أيِّ تكليف،
ورغباتٍ كنتَ تظنُّها مشروعة.
لكنَّك يا ابنَ الآثام المتوارثة،
حَملتَ ما حُمّلتَ،
منذ الصّرخةِ الأولى.
وكانت خطّةُ حياتِكَ:
أن تنفضَ بقوّةٍ جناحيك،
وتُسقِطَ روثَ الولادة
مع كلِّ رفّةٍ،
جناحاكَ اللذان لم يكونا أبيضين،
كما ظننتَ،
أو كما أوهمكَ العالم.
وحين أطلقَكَ الرّعاةُ في مراعيهم،
وحين سيَّجوكَ بالخوفِ والعار،
لم يُخبروكَ:
كيف تنجو من عضّاتِ الذّئاب؟
كيف تروِّضُ خيالَ المآتةِ كشاةٍ خبيرة،
وتُميِّزُ النّبعَ الجاري من الآسِن؟
تركوكَ أعزلًا بحكمةٍ مبتورة،
تركوكَ بلا عصًا أو دِرعا.
وحين عُدتَ في آخرِ النّهار،
ناجيًا ومزهُوًّا،
جزّوا صوفَك بمناجلِهم،
واقتسموا لحمَك بين ساداتِهم،
وتفاخروا بما لم ينالوا.
حتّى لو فَنِيَ رُعاتُك وهلكَ مرعاك،
وقطعتَ الأرضَ إلى آخرِها،
لن تنجو …
من ثِقلِ الحكاياتِ فوق عظامِك،
وطنينِ الخوفِ في ذاكرتِك.
ولن يزولَ حقدُك،
لن يزول،
كلّما رأيتَ جناحينِ أبيضين،
يضربان هواءَ العالم.
بقلم … آلاء فودة






































