نهاية محرّكات البحث التًقليديّة في عصر الذّكاء الاصطناعي
بقلم – أيمن دراوشة
لطالما كان الإنترنت ذلك العالم الواسع الّذي يخبّئ لنا كنوز المعرفة، ومحرّكات البحث كانت بوابتنا للوصول إليها. جوجل، بينغ، وياهو، كلّها أسماء اعتدنا عليها، نكتب سؤالنا ونتلقّى قائمة من النّتائج لنبدأ رحلة البحث بأنفسنا. لكن الأمور تتغير الآن، فالذّكاء الاصطناعيّ يطرق الأبواب بقوًة، ليقدّم لنا إجابات فوريّة تبدو وكأنًها تأتي من عقل بشري يفهم تمامًا ما نريد. تلك المحرّكات القديمة كانت تعمل بطريقة آلية إلى حدّ كبير، تبحث عن الكلمات وتصنّف النّتائج بناءً على معايير محدّدة. أمَّا اليوم، فالذّكاء الإصطناعي يستطيع أن يفهم السّؤال بشكل أعمق، يربط الأفكار، ويقدّم إجابة شاملة تبدو مخصّصة لك وحدك. بل قد يدهشك أحيانًا باقتراحات لم تكن تخطر ببالك.
الذّكاء الإصطناعي صار بديلًا شاملًا للكثير من الأشياء الّتي كنّا نعرفها. في الماضي، محرّكات البحث كانت تعتمد على خوارزميًات بسيطة نوعًا ما، تبحث عن كلمات مفتاحيّة أو عدد الرّوابط. لكن الآن، النّماذج الحديثة صارت تفهم السّؤال نفسه، تلتقط السّياق، وتقدّم إجابات شاملة. حتّى تقترح حلولًا لمشاكل لم نكن نفكّر فيها أساسًا. التّجربة اختلفت كلّيًا. ما عاد المستخدم يحتاج أيفتح عشر صفحات من أجل التّحقّق من معلومة أو يقارن بين آراء مختلفة. كلّ شيء ممكن تلخيصه في ردّ واحد واضح. وإذا احتجت تفاصيل أكثر، تستطيع أن تسأل مرّة ثانية أو تعدّل سؤالك ببساطة. صارت العمليّة أشبه بحوار مع حدّ ذكي، مو مجرّد بحث تقليديّ.
محرّكات البحث التقليدية تواجه منعطفًا صعبًا مع ظهور الذكاء الاصطناعي. تخيل أنك تسأل سؤالا وتحصل على إجابة تبدو مثالية، لكنها قد تكون مزيجًا من معلومات حقيقية وأخرى مبتكرة. هذا يجعل المستخدم في حيرة من أمره، هل يثق بهذه الإجابات الجاهزة أم يتحقق منها بنفسه؟ الأمر لا يتوقف عند الدقة فقط، فالنموذج الاقتصادي لمحركات البحث يتزعزع. الإعلانات كانت عماد أرباحها، والآن مع الذكاء الاصطناعي قد لا يحتاج الناس للنقر على تلك الروابط الإعلانية بعد اليوم. وكأن اللعبة تغيرت فجأة. ثم هناك موضوع الخصوصية، فلكي يعطيك الذكاء الاصطناعي إجابة مخصصة، يحتاج إلى معرفة الكثير عنك. هذا يفتح الباب أمام أسئلة مهمة: من يملك هذه البيانات؟ وأين تذهب؟ وهل نحن مستعدون للمخاطر التي قد تأتي مع هذه المعرفة العميقة عن حياتنا؟
الذكاء الاصطناعي صار جزءًا من حياتنا اليومية، لكن هذا لا يعني أن محركات البحث ستختفي تمامًا. الأرجح أننا سنشهد تعاونًا بين الاثنين، حيث تبقى محركات البحث هي المدخل الأساسي للمعلومات، بينما يلعب الذكاء الاصطناعي دور المساعد الذكي الذي يقدم لك إجابات مخصصة وسريعة.
خلاصة القول، التكنولوجيا تتغير بسرعة، ومحركات البحث التي عرفناها منذ سنوات بدأت تفقد بريقها شيئًا فشيئًا فالذكاء الاصطناعي صار يقدم لنا طريقة جديدة للبحث، أشبه بمحادثة ذكية بدلا من مجرد كتابة كلمات في صندوق بحث. المستقبل يحمل لنا عالما تكون فيه المعرفة أكثر تخصيصًا وسهولة، حيث نجد ما نريد بلمسة واحدة.






































