لأنّني أستحقّ …
بقلم الكاتبة … بلقيس المرهبي
لأنّني أستحقّ تركتُ ما يطفئ أنوثتي، ما يسرق ضوء عيني، ما يكسّر شغفي.
تركت المقاعد الباردة على أطراف القلوب
وغادرت الأزقّة الّتي تحجب عنّي السّماء.
مشيتُ على قدميّ الحافيتين فوق أرض جديدة، لا أعتذر عن خطواتي، ولا أشرح قلبي لأحد.
أنا ابنة الضّوء،طفلة المطر الأول،
عاشقة الفجر حين يغازل وجهي.
أرفض أن أكون ظلّاً باهتاً، أو نصف حضور، أو نصف حبّ.
إمّا أن أكون غابة كاملة، أو أتركك في صحرائك.
أستحقّ أن أعيش بحجم الحلم الّذي لا يُروّض، أن أضحك حتّى تمتلئ السّماء من ضحكتي، أن أرقص على الحافّة بلا خوف، أن أملأ كفّي بزهور الجنون،
وأوزّعها على أيامي كأنّني أزيّنها بمهرجان خاصٍّ بي.
أستحقّ أن أقول كفى لمن يستنزفني،
وأن أقول ابقَ لمن يزرع فيّ الربيع.
أستحق أن أفتح نوافذي لرياح المغامرة، حتّى لو بعثرت أوراقي.
أستحقّ قبلة تمحو عن جبيني تعب العمر، ونظرة تعرف كيف تقول اسمي بلهجة صلاة، ولمسات تعرف أنّ الجسد معبرٌ إلى الرّوح.
أستحقّ أن أكون مدينة لا تُكتشف في يوم، مدينة تحفظ من مرّوا بها، حتّى لو غادروا.
أستحقّ القهوة الّتي تُصالح صباحي،
والموسيقى الّتي تداعب أطراف روحي،
والكتب الّتي تفتح لي أبواباً لم تطأها قدماي.
أستحقّ أن أكون قصيدة مكتوبة على جناح الرّيح، يحفظها العابرون، وتحسدها النّساء.
أستحقّ السّفر بلا خارطة، والتّسكّع في شوارع المدن كأنّني أبحث عن وجهي،
وأستحقّ أن أضيع أحياناً، لأجد نفسي أكثر.
أستحقّ أن أخلع حزني كما تُخلع الفساتين عند المغيب، وأن أرتدي فرحي حتّى لو كان ضيّقاً في البداية، لأنّه سيتّسع بي.
أنا امرأة لا تمدّ يدها إلّا لما يرفعها،
ولا تفتح قلبها إلّا لمن يملؤه،
ولا تسمح لروحها أن تسكن إلّا في يد تعرف قيمتها.
أنا الّتي تعرف أنّ الشّغف ليس ترفاً،
بل أوكسجين لا أتنازل عنه.
أنا لست صفحة تنتظر من يكتبها،
أنا كتاب مكتمل الفصول، لكنّني أسمح لك أن تضيف سطراً، إذا كنت تعرف كيف تكتب دون أن تشطب.
مثلما أخذتني الحياة إليك، سآخذ نفسي، بجنون نزار، وجرأة غادة، وهدوء درويش، إلى حيث يكون الفرح عاشقاً،
ويكون العشق حياة، وتكون الحياة لي.






































