النّواة بين الفرد و المجتمع و تكوين معالم الحياة
بقلم : السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد
مصر
في البداية عزيزي القارىء الكريم
ندور حول فكرة ( النّواة ) لأصل الأشياء و خلاصتها ، و إلى هنا لا أريد التّعريف العلميّ البحت ، بل أتناول النّواة كقيمة أخلاقيّة تنظّم لنا علاقة الفرد و المجتمع داخل البيئة الاجتماعيّة، و ذلك من خلال رسالة الإنسان في الحياة ٠٠
تعريف ( النَّواة ) :
الجمع: نَوَيات ونَوًى ٠
و هي بنية أساسيّة متخصّصة توجد في معظم الخلايا ، و تحتوي النّواة على معظم المادة الوراثيّة الموجودة في الخليّة، منتظمة على شكل جزيئات خطيّة طويلة من الحمض النّووي ٠
و الخلايا ” باستثناء البكتيريا والطّحالب الخضراء المزرقّة ” ومنفصلة عن بقية الخليّة بطبقة مزدوجة، الغشاء النّووي ٠
و النّواة : تتكوّن من بروتون ونيوترون ويتكون منها الذّرّة ٠
و لكنّنا نبتعد هنا قليلا عن المفهوم العلميّ في مقالنا ٠
و ننتقل بالنّواة إلى تعريف إنسانيّ واسع وشامل المدارك ٠٠
و من قناعتي الخاصّة أجل للنّواة أكثر من مدلول يخدم هذا المصطلح عند كثير من التّعريفات الشتّى و المتعدّدة المعالم في العلوم الإنسانيّة ، ولكن بشكل عام يدور تداولًا تجاه الجزء المحوريّ المركزيّ أو الأساسي لشيء ما.
وهذا ما نقصده في رمزيّة بعيدا عن الغموض ، و من ثمّ نركّز و نسلّط الضّوء نحو القيم الفاضلة و الخصال الحميدة في ربط معيّة الحاجات و الأشياء الّتي من ضرورة الحياة ٠
و من خلال هذا نجد أنّ ( النّواة ) هي البذرة الّتي تنمو كي تشكّل ثمرة إيجابيّة معنويًّا و مادّيًّا في معادلة الحياة بكافّة التّوجّهات و الاتّجاهات و التّحوّلات بين القبول و الرّفض في دعوة لاستمراريّة رحلة العطاء المتجّذر عن طريق الأصالة و عدم إغفال روح الحداثة و المعاصرة هكذا ٠٠
و بهذا نستطيع في المجتمع التّركيز على تلك النّواة و المحافظة عليها شكلًا و مضمونًا من أيُّ زيغ أو تلف يصيبها فتعطب في مواصلة رسالتها الجماليّة في خطٍّ مستقيم يختصر لنا كلّ المفاهيم و التّعاريف الّتي تنبثق من فلسفة تعدّديّة تقبّل الأخر في منظومة الحياة ٠
فالنّواة القائمة على القيم الأخلاقيّة و العناصر الجماليّة تشكّل فكر ووجدان أيّ مجتمع ما نحو التّقدّم و الازدهار و إنكار الذّات والأنا الّتي تعرقل الوصول إلى ماهيّة الأشياء و العمل على روح التّعاون و تحقيق الصّلات من خلال العلاقات الاجتماعيّة في نظرة شموليّة لا تؤمن بالتّعصّب و الجهل الّذي يضرُّ بالفرد قبل المجتمع ٠
فالنّواة هي الرّكيزة الّتي تُبنى عليها الأصول و الأحكام بخصائص واقعيّة لا ترتدّ نحو الوراء أو تتجمّد عند نقطة تزكي الصّراعات و التّقلّبات ، بل هي الضّمان للحماية من المعوقات و التّحدّيات ، فالتّربية و التّنشئة على هذا الأساس من عوامل النّجاح المستمرّ بين القول و الفعل لتحقيق الطّموح و الآمال العريضة و الاستفادة من كلّ ذلك و التّجارب الخاصّة و العامّة على حدٍّ سواء ٠٠
فالنّواة هنا أقصد بها نشأة الفرد في نضوج داخل الأسرة و البيت و الشّارع و المدرسة و الإعلام و المجتمع في توازن و تناغم يحقّق الثّمرة المفيدة و الّتي هي من جوهر أهداف التّربية على الأخلاق الحميدة بجانب التّخصّص العلميّ و المهنيّ و النّفسيّ و الاجتماعيّ و التّكوينيّ لرسم شخصيّة جادّة لها سيمات هويتها المتميّزة بين الأمم و الحضارات تترجم بوعي صدى هذا الأثر الطّيّب دائما ٠






































