قراءة تحليلية لنصّ مملكة القرود للكاتبة دعاء محمود
مملكة القرود
تتجمَّع القرود، تلتفُّ حول زعيمها؛ يخضعون له، يقسمون له على الولاء والطَّاعة العمياء ـ قد أخذها بمحض القوة ـ يقرِّر فتنصاع القردة وتصفِّق، يسير فيجري القطيع حوله، يعتلي الأشجار ظنًا منه أنَّه ارتفع واعتلى، الكلُّ يقفز، يهلِّل، يصيح؛ حالة من الهياج والثّورة.
صوت عال يُوحي للعامة بأنَّ المملكة في أوج النّشاط والعمل؛ تتداعى الأحداث؛ أوراق الأشجار المتطايرة، بقايا الطّعام المتناثرة، المخلّفات الّتي يضجُّ بها المكان توحي بحياة عامرة؛ والحقيقة أنَّها: ما هي إلا محضُ مُكاء وتصديَة.
يتملّق الضَّعيف القويّ حتّى يعيش؛ فإذا تمكَّن واعتلى سطوة المشهد صار مثل السَّابق فالأسبق؛ مملكة الصِّياح، القفز، والمهاترة لا تعرف من أمر العمل شيئًا، يسقط فيها ـ مَن يُخلص ـ في براثن المؤامرة، صار خطرا على الزَّعيم فحقَّ عقابه.
نشاهد نحن البشر المملكة من خلف سياج، لا نفهم عالمهم هم فقط الَّذين يعلمون ما يفعلون.
لا تبتئس؛ تمتَّع بنقاء قلبك وطيب عملك؛ فقد خلق الله لك العقل لتعبده، تعمل، تفكِّر، تحلِّل، ترتقي بأخلاقك وتعلو؛ فليس كلُّ ما نشاهد يستحقُّ أن نتوقَّف عنده؛ أكمل طريق الخير فلا تعلم أيِّ السُّبل سوف تُفتح.
الكاتبة الصَّحفية/ دعاء محمود
مصر
دعاءقلب
قراءة تحليلية
مملكة القرود
هي مجتمع مصغّر لقبيلة جاهلة تعيث بالأرض فسادا لا تعترف إلا بمنطق الغابة، القوي يأكل الضعيف يتحكم به وبمصيره والقوة ليست بالعقل أو العلم أو الثقافة بل بفرض السيطرة وبسط النفوذ،واستعراض القوة أمام القطيع.
القائد هنا غير ثابت في كل فترة يظهر من يتمرد ويهزم القائد الحالي ليرتقي للقمة؛ التي هي بالنهاية قاع الاخلاق، والمبادىء
وقمة الضعف والاستسلام بل ومحض مكاء، وتصدية حسب تعبير الأستاذة دعاء محمود
أعود لعبقرية الكاتبة هنا؛
تبدأ النص بٱستعراض مملكة القرود كيفية أخد الزعامة والتفاف الجماهير حول الزعيم بالاستسلام والخضوع والانصياع للطاعة
وتصف لنا مشهدا من الهياج لا يدلّ إلا على الجهل، ثم تعرج لتتحدث عن (صوت عال يوحي العامة بأن المملكة في أوج النشاط )
إسقاط بمنتهى الذكاء فالاعلام مثلا يوجه الرأي العام عندنا لينقل صورة نموذجية عن مجتمع متقدم يسير إلى الإزدهار والنمو ويقنعك بذلك، وهذا مايحدث في أغلب الأحيان.
ومع ذلك تتداعى الأمور وتخرج عن السيطرة وتعبر الكاتبة عن ذلك بعبارات قصيرة محددة وذكية مثل:
–تتداعى الاحداث
–أوراق الأشجار المتطايرة
–بقايا الطعام المتناثرة
–المخلفات؛ إلخ
– المشهد ترسمه الكاتبة بكل وضوح وتجلي لتصف لنا مدى دناءة نسيج بنيان تم اقامته على التملق فالضعيف يتملق القويّ ليعيش بكل دناءة لينتظر أي فرصة لأعتلاء سدة الحكم وهكذا.
. وصفت الكتابة دعاء محمود مجتمع القرود بمملكة الصياح، القفز، والمهاترة الّتي لا تعمل بل فقط محور وجودها يدور حول هذا الزعيم والصراع على اعتلاء قمة الشجرة هو الهدف من الحياة والمشهد بالأخير هو صرخة عالية وبسط النفوذ على الأكل والقفز.
بالأخير الكاتبة تكون صريحة جدا و تتحدث عن البشر من خلف السياج من يتفرجون على مملكة القرود.
لكن الإسقاطات الموجودة بالنص كانت خرافية وبمنتهى الذكاء.
الكاتبة تتحدث عن مجتمع مصغّر من القرود المتناحرة على السلطة تتقاتل، وتتناحر ليتنصر ذكر قد يكون الأقوى ولا الأذكى؛ يعتلي الكرسي بتصفيق وتهليل صياح هرج ومرج، والكل ينصاع لهذا الملك أو البهلوان فهو بالأخير يقفز ويصرخ ويستعرض وهذا ما يحدث بالضبط بالمجتمعات المتخلفة والحديث قياس.
هذا الزعيم قد يتلقى الدعم والتشجيع من قوى خفية وصفتها الكاتبة ب (صوت عال )
قد تكون بالواقع أياد خارجية دول لها مصالح وتسيطر على المشهد وتستخدم الاعلام مواقع التواصل للسيطرة على العقول مثل ما يحصل ببلدان عربية كثيرة ومع ذلك كلما خرجت الأمور عن السيطرة
يتغيّر القائد بقمة الهرم ليأتي وجه جديد لعملة واحدة باقية هي نفسها .
الكاتبة كخلاصة الموضوع تعطي نصائح عن صورة التمسك بنقاء القلب والعمل الطيب وتذكرنا بنعم الله الّذي ميزنا بالعقل لنعبده و الاهم هو ان نستخدم عقولنا لنفهم
ونحلل ونفكر لا أن نكون كالقرود نصفق ونقفز بلا وعي الكاتبة تؤكد على ضرورة الالتزام بالأخلاق للتجلي والترفع والسمو إلى علياء الحياة وفتح سبل للخير والسلام
هي دعوة من الكاتبة كانت تحمل قهر واقع مزريّ ومخجل جعل منها تقدم لنا اسقاطا حقيقيا للواقع بطريقة ذكية استعرضتها بلغة بسيطة سلسة ولكن بحاجة لوقفة وقراءة بين السطور .
تبهرينني دكتورة بكل مرة بأطروحاتك.
( مملكة القرود )تحفة جميلة كان المرور عليها متعة أدبية خالصة.
سليمة مالكي
نـــــور القـــــمر






































