“الكتابة بين الانهزاميًة والتًأثير”
أتساءل هل الكتابة فعل قائم بحدّ ذاته، أم أنّها مجرّد ردّ فعل؟!
الكاتب فيها سلبي متأثّر أم فاعل ومؤثّر؟
ترى هي نتاج تأثّر الكاتب بتجاربه الشًخصيّة، واستجابة لواقعه المعيش بكلّ متغيّراته الّتي تؤثّر على شخصيّته.
أم أنّ الكتابة هي تأثير واضح المعالم، تصحبه نيّة مسبقة لإحداث تغيير ما وتحقيق نتائج معيًنة من خلالها، يستثمر فيها الكاتب عصارة فكره ووجدانه، ويوظف فيها خبراته الحياتيّة حتًى الشّخصيّة والخاصّة منها توظيفا ذكيّا، فيقوم بقولبتها، وإضفاء شيء من العموميًة عليها، لتكون مصدر إلهام للقراء.
في وقتنا الحالي، ونظرا لما أتاحته منصات التّواصل الاجتماعي، من سهولة نشر وانتشار الكلمة، صار متاحا للجميع أن يصبح كاتبا، ويشارك كتاباته على أوسع نطاق، قد يكون عدد الكتاب في وطننا العربي قد فاق عدد القراء بكثير،
وللأسف غدى الاهتمام بالكم على حساب الكيف!
عدد هائل ومهول من النّصوص الّتي كتبت والرّوايات والقصص، يشوبها ضحالة الفكر، وسطحيّة الأسلوب والطّرح، بالإضافة للّغة الرّكيكة المستعملة!
برأيي ليس ذلك إلّا استخفافا بعقل القارىء وذائقته الأدبيّة، وتعَدٍّ صارخ على جمال وأصالة اللغة العربية الفصحى، وجهل تام بماهيّة الأدب والإبداع.
حسب وجهة نظري ككاتبة، لو كانت كلّ كتاباتي أو جلّها تدور في فلكي أنا لوحدي، وتتمحور أساسا حولي، وحول حياتي الشّخصيّة كما يفعل الكثيرون، لاكتفيت بتدوينها على دفتري الشّخصي كيوميّات ، وما فكرت أبدا بنشرها أو مشاركتها، لأسباب عدّة، منها الحفاظ على الخصوصيّة، وأيضا لا أرى جدوى من مشاركة الآخرين حالاتنا الشّعوريّة المختلفة الّتي تعترينا، لا سيما الحزينة منها والسًيّئة، العالم فيه ما يكفي من الإحباط والسًلبيّة، والكلّ لديه معاناته الخاصّة في الحياة.
بالنّسبة لي شخصيّا، الكتابة من منظور تفعيل دور الكاتب فيها بين السّلبيّة والإيجابيّة، وبين التّأثّر والانهزاميّة والرّيادة والتّأثير، الموضوع متعلّق أساسا وبصفة خاصة برسالتي من ورائها، وبرؤيتي في الحياة عموما،
لا أَعدُّ الكتابة ملاذا ومتنفّسا مريحا وراقيا فقط، أو هواية وشغفا حقيقيّا لي فحسب، بل هي رسالة سامية، وغاية نبيلة جدّا، لم ولن تكون الكتابة يوما بالنّسبة لي مجرّد ترف فكري ورفاهية معنوية أبدا، بل هي مسؤوليًة ثقيلة للغاية، وطّنت نفسي على حملها وتحمّل كلّ تبعاتها،
لا يمكن أن أرى الكتابة إلّا أداة تأثير فعّالة وإيجابيّة بيد الكاتب إن أحسن توجيهها وتوظيفها بشكل صحيح، رُّبّ كلمة ذات أثر تكتب قد يبلغ صداها وتأثيرها الآفاق!
زينة لعجيمي
الجزائر






































