بقلم … أحمد سلامة
الكرم أكثر من طبق يُقدّم …
يخطئ من يظنّ أنّ الكرم لا يتجاوز حدود المائدة أو أنّ الكريم هو من يضع أمامك صحناً مملوءاً بالأرز وفوقه قطعة من اللّحم فإطعام الطّعام جزء من الكّرم لكنّه ليس كله ولئن كان الإسلام قد حض على إكرام الضّيف وسدّ جوع المحتاج فقد حذر في الوقت ذاته من الرّياء والتّفاخر وهو ما إبتلي به مفهوم الكرم في مجتمعاتنا …
الكرم ليس وليمة تقام بل روح تمنح .. هو عطاء بلا من وبذل دون إنتظار مقابل .. من يفتح قلبه قبل بيته ، ومن يمد يده قبل أنّ يُسأل ، ومن يجود بعلمه ، أو بوقته ، أو بإبتسامته ، هو كريم بحق
قد يكون الكريم من يقدم المال لكن لا يقل كرماً عن ذلك من يعطيك وقته أو ينصت إليكَ في لحظة ضيق .. من يعيرك أذنه أو يرشدك بكلمة أو يربت على وجعك بكف حنونة هو الكريم في زمن شح فيه السّند
بل إنّ من يجود بممتلكاته سيارة ينقل بها مريضاً أو كرسياً طبياً يعين عاجزاً أو حتّى غرفة يفتحها لعابر سبيل هو صورة حية للكرم في أبهىٰ تجلياته .. ومن يجُود بروحه لأجل وطنه أو دمه من أجل حياة غيره فهو في أعلى مراتب الجود والكرم
الكرم الحقيقي كما وصفه
الدّكتور … غازي القصيبي رحمه الله – : ليس وليمة تتبعها مفاخرة بل أنّ تبتسم في وجه من بيدك مساعدته أنّ تتكرم بوقتك لتعطيه لمن يحتاجك أنّ ترى الضّعيف ولا تزدريه وتختلف عن غيرك دون أنّ تحتقره وتمنح روحك دون أنّ تنتظر تصفيقاً
إنّ الكرم ليس حكراً على الميسورين فرب معدم أكرم من ألف ثري لأنه يعطي من أعماق نفسه لا من فضلات يده .. هو سلوك ، هو تربية ، هو شهامة نقية من شوائب النّفاق الإجتماعي
فيا من إختصرتم الكرم في قدر رز وقطعة لحم وسعيتم خلف المدح والتّباهي تمهلوا ؛ فالكرم لا يقاس بكمية ما تقدم بل بصدق النّية وسخاء القلب ونبل الفعل
علموا أبناءكم أنّ الكرم ليس موسمياً ولا مناسبة تقام بل أسلوب حياة .. أنّ تقول كلمة طيبة ، أنّ تسامح ، أنّ تعين ، أنّ تفرح لفرح غيرك ، هذا هو الكرم الحقيقي
فالكرم .. ليس ملء البطون بل إمتلاء الأرواح بالرّحمة .
بقلم … أحمد سلامة






































