بقلم … للاإيمان الشباني
آراء غير صائبة …
حين يتسلّل الجهل إلى منابر الفكر والكتابة الاجتماعيّة، تتشوّه صورة الحقيقة، وتضيع ملامح المعنى في غبار الزّيف. إنّ القول في القضايا الفكريّة والاجتماعيّة ليس فعلاً عبثيًا يصدر من رغبة في الظّهور أو طموح إلى الشّهرة، بل هو مسؤوليّة وجوديّة تستدعي عمقًا في الفهم، وصدقًا في المقاربة، ووعيًا بمكان الإنسان في حركة التّاريخ والمجتمع.
لكن المعضلة الكبرى تبدأ حين يجترئ من لا يملك أدوات النّظر، فيدّعي امتلاك القول الفصل في مسائل لا تسير إلّا في دروب شائكة من التّأمّل والتّحليل. هؤلاء لا يتكلّمون من مقام المعرفة، بل من فراغٍ يتضخّم بالغرور، وكأنّ الكلمة لا تحتاج إلى شرعيّة الوعي، بل يكفي أن تُقال كي تُعدَّ رأيًا. وهنا تقع الكارثة: إذ يُختزل الفكر إلى مجرد انفعال، ويُفرغ الخطاب من كلّ بُعد نقديّ أو إنسانيّ، فيغدو اللسان آلة لصناعة وهم الحقيقة.
في الفلسفة، لا قيمة للرأي ما لم يُختبر بمنطق العقل، وما لم يُعرض على مِحكّ التّجربة. فكلّ قول لا يسير على نهج السّؤال، لا ينتمي إلى الفلسفة، بل إلى السّطحيّة المقنّعة. أمّا الّذين يخوضون في الكتابة الاجتماعيّة والفكريّة دون امتلاك مشروع فكريّ، فهم كمن يسبح في العمق دون أن يتعلّم الطّفو. إنّهم يختزلون المعضلات الإنسانيّة الكبرى إلى عبارات جوفاء، ويمارسون نوعًا من العنف الرّمزيّ ضدّ الوعي، حين يُقحمون الجهل في مقام العقل، والادّعاء في محراب الحقيقة.
الفكر لا يُرتجل، والكتابة في الإنسان لا تُخاض إلا بتواضع العارف، وجُهد المتأمّل، وسؤال الفيلسوف. فمن لم يذق مرارة الشّكّ، ولم يتورّط في قلق المعنى، ولم يتألًًّّّم لسؤال الوجود، كيف له أن يكتب عن المجتمع؟ كيف له أن يُبصر ما لا يُرى، أو يَسمع ما لا يُقال؟
بقلم … للاإيمان الشباني






































