بقلم الشاعر … أحمد الخليلي
يا زهرة الحنين .. يا غربة
في منتصف اللّيل الطّرقات ممتدَّة
على كل حدب وصوب
تتناثر فوقها الأقدام
أقدام عاشقة فرِحة وأقدام تائهة
والقمر يعطر ضوءه
أوراق الشّجر
ضوءه الخجل يمنح النّسيم
بهجة الأمل
لمرابط الأبقار والجاموس
الخالية تحت ضوئه وهدأة اللّيل
نكهة الوجد
وحشة عجيبة
يخلفها صوت طائر قلق
قبلة اللّيل تلهب شهوة المكان
سحر شفتيه
يُهَّيم الرّيف والمدينة معاً
فيرقص السّكون للخلود
وتكمن الفجيعة
في سياط من جلود
الطّرقات ممتدّة
والأمنيات القريبة البعيدة
في قلوب ترقد في النّعيم
وفي قلوب تحرقها الحسرة
هنا في شعاب الصّمت
وهناك في الجليل والبصرة
ما أعظم لحظة تبكي فيها
بنت حرة
من مقبل تخشى شره
يا وحيداً تستهويك روعة اللّيل
والظّلال المنبثقة
عن ضوء القمر
فوق الطّرقات الممتدّة
صوب حنينك
يرُّجك الطّنين النّاتج
عن نتوء يبُّز كبقبقة فقاعات
على سطح بركة ضحلة
تستخلصك كآخر رمق
لرحيق زهرة
إرتد عليها حائط ضخم
نعومة شادية حين تناديك
” آه يا سمراني اللّون “
تشرِّحك ذكرىٰ أول مرة
سمعت فيها شادية تنادي
( آه يا أسمراني اللّون )
كان أروع وقت للحياة
كان آنها الشّوق للذي يغيب
حاضراً متقداً
كان لا أحد له
أن يسطو على فرحة أحد
لم يكن للثّاكل غير سطوة الوجد
تعيدك حرارة صوت نجاة
لفرحتك الغائبة
فرحتك الماء الّذي
يسقيٰ فيك صبار الشّوق
قرنفلة الشّجن
نجاة تجلد فيك الذّكريات
( إستناني .. إستناني
هى دقيقة كتير علشانّي
أستنيتك عُمر بحاله
مش قادر تستنى ثواني )
تحيلك السّاعات المتأخرة
لبقايا جسد يتوسل النّوم
إليك فتوافق على الفور
لكن كيف ؟ وأين !!
والطّريق غربك
عن أي ملاذّ
تنظر تجد للحياة أثراً بعيداً
ضوءاً يختلط بذرات غبار كثيف
لا تسمع إلا صوت الغربان
على سعف النّخيل
فثمة حرب على العصافير
وكل أردية الأشياء
من الثّلج أو النّفط
فأشياء هذا العصر
لا تحتمل الحرير
إستبدلته بمطالب التّحرير
ومطالب التّحرير يتلوها
كل يوم فوق أعلى ربوة
في الأرض ثمل حقير
يريد أن يحرّر العالم
منك أيها الأسمر
يا وحيداً تكره الغُربان
والفئران والبهتان والمردان
تمدد فوق هذا التّراب
وأحضن الطّرقات وأحضن الطّمي
وأبنى بالطّمي روحك الهائمة
فوق دور أسقفها من نخيل
في أعلى النّخلة علق مذياعك
وأسفلها فإغزل نسج خيامك
وأعد لإبنة قريتك البسيطة روحها
بقلم الشاعر … أحمد الخليلي … مصر






































