قراءة في نتائج الانتخابات البرلمانية الارجنتينية وانعكاساتها على
مستقبل البلاد والقوى السياسية -الاجتماعية -والاقتصادية .
………………………..
تجري في الارجنتين انتخابات برلمانية عامة كل عامين وذلك لتجديد نصف عدد البرلمان 127 من اصل 254 عضوا وثلث مجلس الشيوخ 24 من اصل 72عضوا وعادة يسبق الانتخابات العامة التي جرت اول البارحة انتخابات تمهيدية ملزمة لتحديد اسماء المرشحين اللذين يمثلون جميع الاحزاب والقوى السياسية التي يحق لها المشاركة في العملية الانتخابية بتاريخ 14 تشرين الثاني . هذا وقت جرت الانتخابات التمهيدية الغير ملزمة بتاريخ 12 ايلول الماضي . واظهرت نتائجها الاولية خسارة تحالف الحزب البيروني الحاكم بزعامة الرئيس البيرتو فرناديز ونأبته كريستينا فرناديز دي كيرشنير بفارق 10 نقاط في:18 ولاية من اصل 24 ولاية وعادة ما تعكس نتائج الانتخابات التمهيدية صورة مصغرة عن نتائج الانتخابات الحقيقية بفارق بعض النقاط زيادة او نقصان والانتخابات العامة الاصلية التي جرت اول البارحة اعطت نفس النتائج تقريبا ولكن مع قدرة الحزب البيروني “الجبهة من اجل الكل ” على تقليص حجم الخسارة لصالحه بنسبة 5 نقاط في العاصمة بيونس أيرس والذي يشكل السجل الانتخابي فيها نسبة 37% من اصوات الناخبين بحيت كان الفارق نقطة لصالح المعارضة بزعامة الرئيس السابق موريسيو ماكري على صعيد مجلس الشيوخ فقد حصل مرشح المعارضة دييغو سانتيلي على 39,81 %مرشح الحزب الحاكم 38,5% بكتوريا تولوسا باز على صعيد مجلس النواب حصلت المعارضة ايوخنيا بيدال حاكمة بيونس أيرس السابقة على المرتبة الاولى 47,01% الحزب الحاكم لاندرو سانتورو 25,10 % الحزب المعارض الجديد حرية متجددة بزعامة خابير ميلي 17% خوسيه اسبرت 7 %مرشح سابق لرئاسة الجمهورية. وبهذه الطريقة احتفظ الحزب الحاكم بالأقلية الأولى في مجلس النواب بـ 118 مقعدًا ، بينما سيحتل حزب “معًا من أجل التغيير” 116 مقعدًا. ومع ذلك ، ولأول مرة منذ استعادة الديمقراطية في عام 1983 ، لن يكتمل النصاب القانوني للبيرونية في مجلس الشيوخ. وذلك اعتبارًا من 10 كانون الأول ، سيتولى أعضاء مجلس الشيوخ المنتخبين مقاعدهم وسيؤدي التشكيل الجديد إلى تعديل الاغلبية التي كانت تتمتع بها نائبة الرئيسة كريستينا فرناديز دي كيرشنير. ب 41 الى 35 مقعدًا ، بنقص 6 مقاعد لصالح المعارضة . مما يجعلها مضطرة للحوار والتفاهم والاتفاق مع المعارضة لتمرير مشاريع القوانين عبر البحث عن حلفاء جدد وتوافقات جديدة بروح ايجابية بعيدة عن التشنج اخذة بعين الاعتبار نتائج الانتخابات وحجم وفعالية القوى السياسية المعارضة والقوى المستقلة واليسار.. بلغ عدد المشاركين في الانتخابات 34,3 مليون اي ما نسبته 71٪ ، بزيادة خمس نقاط عن الانتخابات التمهيدية. سعى الائتلاف الحاكم ، بقيادة ألبيرتو فرنانديز ، إلى تقليص الهزيمة التي عانى منها في الانتخابات التمهيدية في ايلول الماضي ، والتي خسر فيها 18 دائرة انتخابية من . الغائب الكبير عن المقر الرئيسي للحملة الانتخابية للحزب الحاكم كان نائبة الرئيس كريستينا فرنانديز دي كيرشنير ، لاسباب صحية. بعد العملية الجراحية التي خضعت لها قبل عشرة أيام. حيث اعربت عبر توتير عن املها في الدعوة الى حوار بين الحكومة والمعارضة قريبا جدا
1 – اليمين المتطرف يدخل الكونغرس الأرجنتيني .
خرج الخبير الاقتصادي الليبرالي المتطرف خايير ميلي مبتهجًا من مقره الانتخابي لونا بارك بعد أن قاد دخول اليمين المتطرف إلى مجلس النواب الأرجنتيني وأصبح ثالث قوة سياسية في العاصمة بيونس آيرس بنسبة 17٪ من الأصوات. وسيتولى ميلي منصبه كنائب بأجندة تركز على تخفيض الإنفاق العام. ومحاربة الفساد ودعم جيل الشباب وتغير اليات الفساد حيث يؤكد مرار ان الطبقة السياسية الارجنتينية منذ اكثر من 50 عام تنهب من الموازنة العامة ماقيمته 5 % كل عام وقد يرفض عرض الحوار الذي قدمه الرئيس للمعارضة بأكملها. فهو اقرب الى رئيسة حزب “معا من اجل التغيير ” وزيرة الامن السابقة باتريسيا بورليش .
2 – الوضع الاقتصادي الديون الخارجية وصندق النقد الدولي .
بعد وصول الرئيس الارجنتيني البيرتو فرناديز الى السلطة بتاريخ 10 كانون اول عام 2019 اي بعد شهرين تقريبا انتشر وباء كورونا المستجد في العالم ومنها الارجنتين مما جعل الرئيس يرفع شعار من هو الاهم الانسان ام الاقتصاد فالرئيس البيرتو فرناديز فضل الخيار الاول اي الانسان واتخذ جملة من القرارات الصحية الخاصة في الابتعاد الاجتماعي واغلاق جميع مناشط الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتي استمرت لاكثر من عام وهذا الامر ترك اثارا كبيرة على مجمل النشاط التجاري والنمو الاقتصادي ولم تكن هذه الاجراءات شعبية بدليل انها تركت نتائجها عبر صناديق الاقتراع معدلات الفقر كبيرة حوالي 20 مليون انسان تحت خط الفقر 5 مليون انسان فقر مدقع ارتفاع الاسعار وتضخم اقتصادي اكثر من 50% ارتفاع نسبة البطالة بين فئة الشباب انتشار الجريمة وفقدان الامن تعقد المفاوضات بين الحكومة الارجنتينية وصندوق النقد الدولي حيث بلغت نسبة الديون الخارجية 271,505 مليار دولا مستحقة دفعة في اذار القادم 6 مليار مما جعل الرئيس البيرتو فرناديز يتدخل لدى الرئيس الامريكي جون بايدن للمساعدة على اعادة جدولة الديون الخارجية لدى صندوق النقد الدولي في خطابه الاخير امام مناصريه في ختام الحملة الانتخابية اكد الرئيس انه سوف يرسل الشهر القادم خطة اقتصادية متعددة الجوانب تتماشى مع ما يأمل أن يتم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي لمناقشته في الكونغرس. سيكون هذا المشروع متطابق مع شروط صندوق النقد الدولي ويطلب من المستثمرين الثقة بالأرجنتين واقتصادها. ويجب أن تحظى هذه الخطة بدعم المعارضة التي اصبحت تشكل الاغلبية في مجلس الشيوخ والبرلمان مع توجه عام لدى حكومة الرئيس البيرتو فرناديز للحوار الجدي مع المعارضة على اسس وطنية لخروج الارجنتين من ازماتها السياسية الاجتماعية والاقتصادية المتجددة .
3 – معركة الرئاسة لعام 2023 .
لم تكن الانتخابات البرلمانية التي جرت اول البارحة معركة للفوز بالاغلبية داخل مجلس الشيوخ والبرلمان فقط وانما في جزء منها معركة من اجل المستقبل ومن يشغل كرسي الرئاسة – كاسا روسادا – عام 2023 ، على صعيد الحزب الحاكم والبيرونية لايوجد راي موحد حول مرشح التحالف الحاكم “الجبهة من اجل الكل” بين نائبة الرئيس كريستينا فرناديز دي كيرشنير والرئيس الحالي البيرتو فرناديز ورئيس حزب جبهة التجديد رئيس البرلمان الحالي سرخيو ماسا . وقد دخل على خط الصراع رئيس الحكومة الحالي خوان منصور الحاكم السابق لولاية توكومان وخروج حاكم ولاية قرطبة بشكل نهائي من خط الائتلاف البيروني الحاكم خوان اسكاريتي ويطرح مقاربات جديدة بعيدة عن الكشنيرية وبعيدة عن ابن نائبة الرئيسية كريستينا فرناديز دي كيرشنير مكسيمو كيرشنير زعيم حركة “كونبرة ” اليسارية ذات الطابع الشبابي – اضافة الى حاكم بيونس ايرس اليساري اكسيل كيسالوف هذا وقد دعا الرئيس البيرتو فرناديز انصاره للتظاهر غدا في ساحة العامة 29 ايار للاحتفال بيوم الوفاء للبيرونية وتأييد ترشيحه لمنصب رئاسة الجمهورية لعام 2023 .وبنفس الطريقة المعارضة تعاني من التشتت والانقسام حول من يكون مرشح المعارضة “معا من اجل التغيير ” ويبذل الرئيس السابق موريسيو ماكري جهودا كبيرا لوحدة الراي حول مرشح واحد بيعدا عن الانقسام حيث يوجد خلافات بين تحالف المعارضة الذي يضم حزب الرديكال بزعامة رئيس الحزب كورنيخو وحاكم خوخوي موراليس وحزب البرو الذي يتزعمه موريسيو ماركي وباتريسيا بورليش وحاكمة بيونس ايرس السابقة ايوخنيا بيدل التي تتمتع بشعبية كبيرة وجاذبية وحاكم بيونس ايرس اوراسيو رودريغز لا ريتا – الصراع على السلطة في بلدان امريكا اللاتينية بين اليسار واليمين على اشده وخاصة بعد فوز الرئيس دانيل اورتيغا بولاية دستورية رابعة في نيكاراغو ومحاولات امريكية مكثفة لزعزعت الاستقرار في كوبا من خلال دعم كامل لثورة ملونة في الجزيرة التي تعاني من الحصار الشديد منذ اكثر من 50 عاما ومحاولات افشال المفاوضات الناجحة بين حكومة الرئيس مادور والمعارضة بزعامة خوان غوايدو التي جرت في المكسيك.. الانظار الامريكية تتطلع الى الانتخابات البرازيلية ايضا التي سوف تجري العام القادم واحتمال خسارة اليمين المتطرف بزعامة خابير بولسونارو والتي تبلغ شعبيته 27 % واحتمال عودة زعيم حزب العمال البرازيلي الرئيس السابق لولا دا سلبا وهناك انتخابات في تشيلي العام القادم حيث يجري الصراع بين اليمين واليسار على اشده بعد ان عانت تشيلي ربيعا تشيليا مع الرئيس الحالي سفاستيان فنيرا استمر لعامين جرى فيه تدمير مقومات البلاد والاقتصاد – الصراع على الارجنتين لن يخرج عن هذا الاطار القاري اللاتيني الارجنتين بلد مهم جدا للولايات المتحدة الامريكية وسوف توضع امكانيات كبيرة لعودة الليبرالية من جديد لتحكم الارجنتين بزعامة الرئيس مورسيو ماكري ولكن بغطاء ووجه جديد قد يكون ايوخنيا بيدال الا انه من السابق لاوانه التحدث عن انتخابات 2023 الرئاسية لانه لازال للبيرونية بزعامة البيرتو فرناديز وكريستينا فرناديز دي كيرشير قرابة العامين ستكون فرصة كبيرة لتحسن الاداء والاستفادة من اخطاء الماضي وتلميع صورة اليسار الارجنتيني واللاتيني
عدنان نقول – اعلامي ومحلل سياسي
الارجنتين – الموافق 16 – 11 – 2021
Discussion about this post