بقلم: سلمى صوفاناتي
في عام 1941، أَهْدَى الفنُّ العربيُّ تحفةً خالدةً، أبَتْ أن تكونَ مجرَّدَ شريطٍ سينمائيٍّ، بل كانت “انعكاسًا لروحِ العصرِ الذّهبيِّ”، حَيْثُ تهادَتِ الموسيقى مع المشاعرِ، وانطلقتْ أسماءٌ كالنّجومِ لتُضِيءَ سماءَ الشّاشةِ الفضِّيَّةِ. كان “انتصارُ الشّبابِ” البدايةَ الأسطوريّةَ لِعَمْلاقَيْنِ: “فريد الأطرشِ”، ساحرِ العودِ، و”أسمهانَ”، صاحبةِ الصّوتِ الّذي يشبهُ خريرَ الماءِ العذبِ.
“قصةٌ كأنّها مِنْ وَحْيِ الأساطيرِ”
في قصرٍ تتناثرُ فيه ذكرياتُ الماضي كأوراقِ الخريفِ، يعيشُ الشّقيقانِ “فريدُ” و”أسمهانُ”، يحملانِ بين جوانحهما ترانيمَ الحبِّ والوفاءِ. لكنَّ ظلًّا خبيثًا – تجسِّدُهُ أنيابُ “محمود المليجيِّ” – يُحاوِلُ تمزيقَ أواصرِ العائلةِ، مستغلًّا ثروتهما وبراءتهما. تُحاكُ المؤامراتُ، وتُختلَقُ الأكاذيبُ، في محاولةٍ لِفَرْضِ زواجٍ قسريٍّ على أسمهانَ، بينما يقفُ فريدٌ كالفارسِ الّذي يحملُ سيفَهُ لحنًا وإصرارًا.
وفي قلبِ العاصفةِ، تُولَدُ أغانٍ خالدةٌ، مثل “يا ريتني طير”، الّتي تحوَّلَتْ إلى “صَرْخَةِ تحرُّرٍ”، ترفرفُ بأجنحةِ الحلمِ فوقَ قيودِ الواقعِ.
لِمَاذا يظلُّ هذا الفيلمُ كنزًا لا يَفْنَى؟
– “أوّلُ بصمةٍ لفريدَ وأسمهانَ”: كانتْ هذه اللوحةُ الفنّيةُ “بدايةَ إمبراطوريةٍ موسيقيّةٍ”، حيثُ أصبحَ فريدٌ “سلطانَ العودِ”، وأسمهانُ “كلمةَ السرِّ في قلبِ الجمهورِ”.
– “موسيقى تكتُبُ التّاريخَ”: لم تكنِ الألحانُ مجرَّدَ ديكورٍ، بل “شخصيّاتٍ رئيسيّةً” في القصّةِ، تُعبِّرُ عمَّا يعجزُ الحوارُ عن قولِهِ.
– “إرثٌ يُحْفَظُ بأناقةٍ”: أُعيدَ ترميمُ الفيلمِ كجوهرةٍ في تاجِ “كنوزِ البحرِ الأحمرِ السّينمائيِّ”، لِيَظَلَّ شاهدًا على “فنٍّ لا يتكرَّرُ”.
“الطّاقمُ: خلفَ الكواليسِ.. سحرٌ آخَرُ”
– “فريدُ الأطرشِ”: لم يكنْ ممثّلاً أو مغنِّيًا فحسبُ، بل “رسولاً مِنْ زمنِ الفنِّ الأصيلِ”.
– “أسمهانُ”: صوتُها كان “وَشْمًا على جسدِ الزّمنِ”، ترَكَهُ رغمَ رحيلِها المبكِّرِ.
– “أحمدُ بدرخانَ (المخرجُ)”: الرّجلُ الّذي رأى في الشّقيقينِ بذرةَ عبقريّةٍ، فسقاها بإتقانٍ حتَّى أثمرَتْ تحفةً.
“في زمنٍ كانَ الفنُّ فيهِ قصيدةً”
عندما صَدَرَ الفيلمُ، كانتْ مصرُ “تتنفَّسُ الفنَّ كالهواءِ”، وتتبارى عمالقةٌ مثلَ” أمِّ كلثومَ” و”عبدِ الوهَّابِ”. لكنَّ “انتصارَ الشّبابِ”جاء “كَعُصْفُورٍ حُرٍّ”، مزجَ بينَ براءةِ القصّةِ وعُمْقِ الموسيقى، ليكونَ “علامةً فارقةً” في السّينما الغنائيّةِ.
“لكنَّ الأقدارَ كانتْ قاسيةً”.. رحلَتْ أسمهانُ مبكِّرًا (1944)، تاركةً وراءها “أسطورةً”، وبصمةَ هذا الفيلمِ كـ “وَداعٍ جميلٍ”، وكأنّها تقول لنا: “انتصارُ الشّبابِ ليسَ مجرَّدَ عنوانٍ.. إنَّهُ حقيقةُ الفنِّ الخالِدِ.”







































Discussion about this post