بقلم … رشا بكر
نلتفُّ ثلاثتُنا حولَ الطّاولةِ.
تَنزلقُ أوراقُ اللعبِ من بينِ أصابعي،
كأنَّني أُقشِّرُ قِشرتي الأخيرة.
أُقسِّمُ الورق،
وأرفعُ رأسي إليهنَّ — نظرةَ تحدٍّ، وابتسامةً باردة.
الشّيطانةُ تُطلِقُ ضحكةً ماردة،
تَـمضغُ شفتيها كمن يَـمضغُ الليل.
عيناها… كحانةٍ لا تُغلَقُ أبوابُها أبدًا للخدمات.
إلى يساري، ثالثتُنا،
امرأةٌ تَـمُطُّ شفتيها،
وتصنعُ من ورقةٍ قبعةً صغيرة،
تقول:
“لن أخسر، حتى لو خسرتُ.”
أُوزِّعُ الورق:
ورقةٌ لي،
ورقةٌ للشيطانةِ المتمرّدة،
ورقةٌ للصغيرةِ العابثة.
الشّيطانةُ تَـنفُثُ دخانَها في وجهي،
أُلوِّحُ بيدي، أَسعُل.
أقولُ لها:
“لا تَـتفاخري بتدخينكِ.
أنا من علَّمكِ السّجائرَ،
كجلدٍ للذات،
لا كنشوة.”
تتساءلُ، متوعّدةً:
“مَن يكرهني؟”
الطّفلةُ تضحكُ… بلا سببٍ،
بلهاءُ… تختفي ابتسامتها سريعًا،
تسألُ في أسًى:
“مَن أحبّني؟”
أَرشَفُ قهوتي — رمادٌ بطَعمِ السُّكَّر.
لحظةُ صمتٍ…
أسألُ نفسي:
“هل أنا اللاعبُ؟
أم الورقُ ذاته؟”
تَـكشفُ الشّيطانةُ أوراقَها بنهايةِ الجولة:
خيانةٌ،
نجاةٌ،
ضغينةٌ،
ورغبةٌ.
تَـكشفُ الصّغيرةُ أوراقَها:
دهشةٌ،
بكاءٌ،
سؤالٌ،
وقِطعةُ حلوى.
أمّا أنا؟
أوراقي كانت بيضاء،
ويَـديَّ مفتوحتانِ على الطّاولة —
كمن يَـعترف.
فمَن الرّابحة؟
لم تكن الشّيطانة،
ولا الطّفلة.
ونهضتُ…
دونَ اكتراثٍ بحلِّ المسألتين،
ودونَ انتظارٍ للنتيجة.
بقلم … رشا بكر







































Discussion about this post