أدهشتْهُمُ الكلمة:
“يا لَها من كتابة!
حرفُكِ تَبدَّلَ!
وكأنّها، من رَحِمِ المعنى،
حديثةُ الوِلادة!”
فابتسمتُ، وباستحياءٍ أَجبت:
“لِمَ العَجَب؟
لقد كُنتُ أَكتُبُ قبل أن أَعرِفَ معنى الكتابة،
منذُ كانت أَناملي تُحاكي الضوءَ على هوامِشِ الدّفاتر،
منذُ كانت مُعلّمتي تتمنّى لو تزرعَ في ورقتي نَجمةً،
لا علامة!”
لي مع الأقلامِ عِشقٌ قديم،
أقتنيها كما تُقتنى الذّكريات،
أجمعُها كما تُحفَظُ القصائد،
أختارُها بِحَدْسِ امرأةٍ تَعرِفُ أيَّ نَبضٍ يُناسِبُ كُلَّ بَوحٍ،
بعضُها يَكتُبُني، وبعضُها يُشفيني،
وبعضُها يتحدّى حِبرَ الجرائد..
أختارُها كمَن يَنتقي الحرفَ الأوّلَ من أرقِّ اعتراف،
وكلّما كَتَبتُ بواحِدٍ منها،
وقَّعتُ على قلبي صكَّ غُفرانٍ
لكلِّ اقتراف..
أمّا خَطّي، فهو وِشايةُ روحي،
لا يَكتُبُ الكلماتِ، بل يَهمسُها،
يُرَتِّلُ على الورقِ نشيدَ قلبي بأَنامِلٍ من نور،
يَنسابُ كأنّهُ..
لَمسةٌ على خدِّ الوقت،
إذا ما مَرَّ به عاشقٌ صَبور..
نَشَأتُ بين السّطور،
تربَّيتُ في ظلِّ كاتبٍ يُشبِهُ الشّجر؛
ثابتٌ، رصينٌ،
يُعلّمني كيف أُزهِرُ بين الضّجيجٍ،
بِلا قلبٍ حزين..
رافقتُ أصحابَ الحِسِّ،
وعشقتُ مَن كانَ للحَرفِ مَرفَأً،
يَقرَؤني بِحَدْسِه، يَرمُقُني بِنقدِه،
يُعيدُ ترتيبَ فُصولي،
كمَن يُعيدُ رسمَ امرأتِه الأخيرةِ..
كُلّما صَفَّقَ لي،
انبَثَقَ في صَدري دِفءٌ،
لا يُشبِهُ إلّا حضنًا،
يَتّسِعُ لِدهشةِ طِفلةٍ صغيرة..
أَكتُبُ،
وكأنّني أَكتُبُ لِنفسي في زَمنٍ آخَر،
كأنّ كلَّ حَرفٍ بينَنا..
نَذْرٌ أَبديٌّ نحو الآخَر..
أَكتُبُ نَبضًا لِيُرَتِّلهُ كُلّما صَمَتَ الكون،
هَمْسًا دافئًا، أَصفَرَ اللون..
فإنْ رَأيتُم في كَلِماتي وَهْجا،
فَأنا قَصيدتُهُ الأَجَلُّ بهجة..
رفقة علم_الدين كتابة ياحب أقلام







































Discussion about this post