” عينٌ تمشي حافية ”
المرأةُ الّتي تخلعُ الوقتَ عن كتفيها
ترميه في أوّل بركة
تتأجّج النّيرانُ في عينيها
تبتسمُ بمكر
وتغنّي..
“أهو ده اللي صار، وآدي اللي كان،
مالكش حقّ تلوم عليّا.”
تغنّي كمن يختبر الحياةَ على أطراف أصابعه.
حافيةٌ من الذّاكرة
مبلّلةٌ بما لا يُقال
تدور…
كما تدورُ الشّكوكُ في صدر بنتٍ تعرف كم هي حلوة.
ترقصُ كناجيةٍ أخيرة.
الكحلُ يتطايرُ من جفنيها
سحرًا قديمًا.
المطرُ يعزفُ طبولًا تحتها
أعمدةُ النّور تتلعثمُ في وهج حركتها
الظّلالُ تلثمُ أقدامها بحذر
وهي تغنّي…
“أهو ده اللي صار…..”
رائحةُ المدينةِ تتصاعد..
توابلُ على جسدٍ يتبخّر
عطرٌ رخيصٌ نسيه سائقُ تاكسي على قميصه
بخارُ الشّاي في مقهًى لا ينام
صدأُ صاج العجين في الفرن المجاور
رجلٌ يُفتّش عن وجهه
كرسيٌّ أعرج يقف على أوّل طريق العودة
وعجوزٌ تردّد:
“اللي اختشوا ماتوا…
ماتوا اللي اختشوا…”
خيوطُ دخانٍ تتسلّل من بين أصابعها
النّاي يُصفّر من عظامها
العالمُ يتمايل
يتأرجح
“النّخل باصص للسما…”
وهي تغنّي…
“مالكش حقّ تلوم عليّا.”
أصواتُ الأخبار تتشاجرُ في بارٍ قريب
وسكّيرٌ خانته الأيام
يصرخ بهستيريا:
“عزّ اللي بترقص على السّكين!”
بائعُ الورد يُدندن لمساءاتٍ
يعرف جيّدًا أنّها لن تأتي.
الكلّ… كلّهم يندبُ ليلاه.
ترفعُ رأسَها للعالم
ليومٍ تفلت من قبضة الحساب
لخدعةٍ أنيقةٍ تُسمّى “حياة”.
تغنّي…
لا خوفَ
لا طقوسَ غير الّتي تُؤدّى بكعوبٍ محنّاة.
لا جزاءَ يُقنعُ جسدًا أن يؤجّل رغبتَه اليوم
ولا عقابَ يرفعُ سوطَه في الهواء.
وحدهاوءُ يتبعها
كمذنّبٍ يتبع أمنيته.
الضوءُ يحبّها
يتعرّى على جسدٍ شرب نبيذَ النبوءات
تشظّى مرّات..
وعاد ضاحكًا.
النساءُ يرمين بالملح والقصص في الهواء
يسألن:
عن الهذيان؟
عن الجنون؟
عن…؟
هي لا تسأل
لا تعقّب
فقط تتنفس من شقٍّ صغيرٍ بين ضلعيها
وتغنّي…
“أهو ده اللي صار، وآدي اللي كان
مالكش حقّ تلوم عليّا…”
ترقص..
رقصةٌ تشبه الحقيقة
ضربةُ قدمٍ واحدة
“تصهلل” خلاخيلُها
تسقط الجدرانُ حولها
التفافةٌ ناعمةٌ تُصيبُ العالمَ بدُوار…
تشرعُ بابًا للريح
بابًا للخلاص
وبابًا للمعنى المفقود.
ضربةُ قدمٍ واحدة
الشّارعُ يشهق
الزّمنُ ينحني
الحياةُ تتّسع…
” لنخلٍ باصصٍ للسما…”
لروحٍ لا تخافُ المجازفة
ولرقصةٍ تليقُ بالنّاجين من الأسئلةِ المفتوحة.
لبنى حمادة
#lubna_hamada







































Discussion about this post