بقلم الكاتبه والأديبه … حسناء سليمان
إمتحان!…
هي بصمةُ البنان، لا تَكشفُ المُخبَّأَ من طبع الإنسان!…
فالصّفات والأخلاق والتّصرّفات لا تتغيّر شكلًا ومضمونا…
نُطعّم الغصن من برعمٍ آخر،فيزهو بثوبه الجديد ، يتجمّل …
ونحمل جيناتِ الآباء والأجداد عبر الأجيال والنّقصَ فينا نتحمّل…
حتّى في مشيتِنا، في نظراتِنا ، في القامة، في الذّكاء ، في السّخاء ،في الشّهامة، وفي كلّ ما فينا …
يُنزعُ اللثامُ مرّةً تلو مرّة ،عن أحداثٍ تعلق في مخيّلةِ الكاتب ،إلى أن يكسرَ شوكةً، أو ينثرَ عطرًا من وردة الحياة…
فالبعضُ ، أبًا عن جدٍّ، يُقال عنهم:”فلان يَدُهه طويلة”
أمّا القصدُ من هذه العبارة فهو :أنّه سارقٌ (كلمة بحدّ ذاتها حادّة على السّمعِ) ،يأخذُ الكحلَ من العينِ!…ويُورثُ سُلالتَهُ هذه الآفةَ المرضيّةَ ،العصيّة على العلاج…
و”أمّ نزيه” الّتي شيّبت “حنّا النّاطور”، من حذاقةٍ في هذا الكار …
مِن المرّجّح أن تكون الفاعل ،عندما يفقد أحدُهم غرضًا، أو يُؤخذُ ما نضجَ من شتولِه وأشجارِه …
فتكون هي مَن يُشار إليها بالبَنان …
تبدأ القصّة هنا والغرابة في الأمر : الامتحان لكِنّتِها…
تزوّجَ ابنُها البكر من “كمال” :و “كمال” فتاة جدُّ مميّزة بلطفِها وابتسامتها وعفويّتها…
وكانت عينُ “أمِّ نزيه” عليها ، وتراقبها …هل هي من طينتم؟…
أترضى عنها ؟ …
وجاءَ وقتُ الامتحان الّذي ألهب فكرَها…
فلم تتردّد بالسّؤال المفاجأة ،وقد وجّهَتْه للعروس الجديدة :
“أتعرفين يا “كمّولة” أين نزرعُ في أرضِنا قرب النّبعِ في “حيرونا”؟
-على فكرة :الأرضُ ليست أرضُ :”أمّ نزيه”قد استولوا عليها كما يفعلون دائمًا …فكلُّ ما يرونه ملكٌ لهم وتطالُه أيديهم …
فكّرتِ العروسُ دون أن تتفوّهَ بكلمةٍ، وكأنّ الماءَ المجلّد سقطَ على رأسِها… …
وإذا بالحَماة ،تُحضّرُ سلّةً من القصب وتقول :
“قد تكون شتولُ البندورة قد أينعتْ أدواشُها في أرضِنا…
أريد منك أن تذهبي وتقطفيها… هناك كلّ ما نزرعُه “يجنُّ” بالعطاء”
نظرتْ الفتاة إلى عريسِها ،فأومأ بالإيجاب…
وإذا بأمِّه تخبرها بالتّفصيل ،عن مكان الشّتول…
وقد رأت في عينَيِّ زوجها الموافقة…
قالت في قلبها:” المكان بعيد عن البيتِ ،لكنّها تعوّدت رياضةَ المشي
وتحتاج لتنشّقِ الهواء العذب بارتياح …
حملتِ السّلّةَ، وقبل أن تصلَ إلى الشّتولِ، “تَوَنّسَتْ” ببيتِنا الصّيفيِّ الصّغير ، المغتبط بعودتِنا إليه…
وكانت “حيرونا” يومها مأهولةً بالنّاس الطّيّبين …
في فصل الصّيف ،ينتقلون من بيوتِهم في الضّيعة، ليهتمّوا بمواسم التّفّاح والإجاص ،والمزروعات ،حيث الماءُ وفيرٌ، والأرضُ خصبةٌ ،والفرحُ يُغنّي جمالَ الحياةِ الوارفةِ بالخير …
أكملت “كمال” طريقها فرحةً بجمال المكان…وكأنَّ امتزاجَ أنغامِ العصافيرِ، سمفونيّة التّرحيب المغرّدة لها وحدَها!…
( “يتبع”، فلا يملُّ القارئُ #قارئي العزيز # من القصّة الصّغيرة وهي حقيقيّة وليست من نسجِ الخيال …)
الحسناء ٢٠٢٥/٥/١٧








































Discussion about this post