جولة في كتاب البدعة و التشبه للدكتور سمير مراد
كتب زيد الطهراوي
في كتابه القيم “البدعة و التشبه” ابتدأ الدكتور سمير مراد بحثه بتقرير القاعدة الفقهية و هي : (الأصل الإباحة) ثم ينتقل المؤلف إلى قاعدة أخرى و هي : (الأصل في أمور الدنيا النافعة الإباحة و في العبادة المنع)
و يرشد المؤلف إخوانه المسلمين و خاصة طلاب العلم الشرعي إلى “ضرورة حسن الظن المبني على أسس ثابتة من النظر الدقيق و اعتبار موارد اجتهاد الآخر و مداركه و مآخذه حتى لا يقع صدام بين المسلمين بحجة نصرة الدين …”
و نصيحة المؤلف هنا تأتي للتأكيد على وحدة الصف و نبذ الخلاف الذي هو شر كله مع لفت الإنتباه إلى أن الخلاف بين المؤمنين معصية و هو كذلك يؤدي إلى اختراقنا من الأعداء و هزيمتنا
أما القاعدة الفقهية المشهورة ؛ عموم البلوى فإن المؤلف يوليها قدراً كبيراً من الاهتمام وذلك لأثرها في الأحكام
كاستخدام التقويم في تحديد مواقيت الصلاة
و بعد هذه المقدمة التي سهلت طريق فهم ما يود المؤلف توضيحه عرف البدعة بأنها “أمر خارج عن الدين يراد إدخاله إليه و عليه فالقضية إرادة مشاركة المشرع في شرعه لأن غير ذلك يوسع دائرة البدعة و يجعل الأمر ضيقا..”
و يخلص المؤلف هنا إلى أن “الوسائل عامة ليست داخلة في الابتداع لأمرين اثنين :
الأول : أنها نوع تفسير أو طريق للعبادة و هذا ليس زيادة على النص
الثاني : أنها ليست محض اختراع العقل لأن مقصد ذلك أن يكون المختَرع أصلاً في الدين و لا قائل بأن الوسيلة اصل في الدين”
أما التشبه فيذكر المؤلف أن “التشبه من الأمور التي عالجها الإسلام من أجل إيجاد مجتمع ذي خصائص تجعله أنموذجاً في كل شيء …”
فتميز الأمة المسلمة له ركنان :
1. تميزها عن الأمم : و “قانونه المنع من مشابهة الآخرين من غير المسلمين من عموم الكفار حتى لا تذوب الأمة الإسلامية في غيرها …”
2-تميزها الفردي : و “قانونه المنع من مشابهة أحد الجنسين بالآخر – أعني الذكر و الأنثى – لتظل شخصية كل منهما في إطارها الذي أوجده الله تعالى لئلا يختلط الحابل بالنابل و يصبح المجتمع إما على هيئة رجل فتفسد العلاقات لأن المرأة حينها ستأخذ مكان الرجل أو يصبح المجتمع على هيئة أنثى فتسقط كل معايير الفحولة و القوة مما يزري بنا الأعداء فنؤكل حينها أشوف لقمة تكون”
و يفرق المؤلف بين التشبه و المشابهة فالمشابهة” توافق مجرد بلا قصد و لا نية و لا تعاطي فعل ما ” أما التشابه فهو “عبارة عن تكلف المشابهة و قصدها و تعلمها”
و يقرر أن ما كان يوما ديناً منع التشبه به في وقته فإن عفى عليه الزمن و تغير سقط حكمه
و كما ذكر المؤلف الوسيلة في البدعة ذكرها في التشبه موضحاً أن :
1-الوسائل محددة و غير محددة و هي الأعم الأكثر
2-منها ما يوصل إلى مطلب شرعي و منها ما يفضي إلى محظور فالأول مباح أو مطلوب و الثاني ممنوع
و قد أوصى المؤلف بما يلي :
1-وجوب التعلم قبل التكلم
2-الحكم منبثق عن التصور ;فليصحح التصور ليصح الحكم
3-لا بد للمجامع من مسك زمام الفتوى ضبطاً للمجتمع
4-أهمية ضخ المعلومات في المجتمع سبقاً لغير أهل العلم
و في خاتمة مقالي هذا أقول : لقد جاء هذا الكتاب في زمن الفوضى في طلب العلم و التخبط في الفتوى ليرشد طلاب العلم بأن يطلبوا العلم بآلاته و الاهتمام بالأولويات و الأصول و التدرج في طلب العلم فقد تجرأ البعض و اتهموا إخوانهم بالابتداع و التشبه المحرم بغير حق فصار لزاماً على العلماء أن يحذروا من هذا التهافت الخطير
و لم يسترسل المؤلف كثيراً في توضيح الكثير من المسائل المتعلقة بالبدعة و التشبه فكانت مواضيع الكتاب مجملة و أمثلته قليلة و لعل هذا راجع إلى أن الهدف من الكتاب أعمق من الاسترسال في التفصيل و الأمثلة و ترك الفكرة الرئيسة و هي الهجوم على التبديع و التفسيق دون علاج
Discussion about this post