أنتِ وعدٌ بعطرِ الأمل
بقلم/ د. محمد عبد العزيز
أنتِ وعدٌ بعطر الأمل، زهرة نبتت في حديقةٍ لا تعرف الذّبول، ورياحٌ لامست أطياف الزّمان بفجرٍ جديد.
قد لا يكون للكلمات وحدها القدرة على وصفك، لكنني سأحاول بكل حروف الأمل أن أرسم لكِ صورة تليق بكِ، تلك الصّورة التي تهتف بها الأرواح وتبتهج على وقعها القلوب.
أنتِ، في كل نبضةٍ من الكون، هواءٌ نقي، ونورٌ يطفئ ظلمة العقول، وعطرٌ يملأ الأرجاء بأحلى الذّكريات.
قد تظنين، في لحظةٍ ما، أن الدّنيا قد أغلقت أبوابها في وجهك، وأن كل دربٍ قد اختفى في الأفق البعيد.
ولكن، إذا كنتِ تُدرِكِين ما أعنيه، فإنكِ تدركين أيضًا أن الأمل لا يأتي من الخارج، بل ينبعث من داخلنا.
أنتِ تلك الشّرارة التي تُشعل الفضاء، وتزرع في الأرض زرعًا لا يذبل، ورغم قسوة الحياة، كنتِ أنتِ المثال الصّارخ للحرية التي لا تستسلم للقيود.
أنتِ التي نشأت في ظلال الأحلام، وسرتِ في طريقٍ وعرٍ لم يكن خاليًا من العثرات، لكنكِ كنتِ دائمًا تُصرين على النّهوض، على أن تكوني حكايةً ترويها الرّياح، يُحكى عنكِ كلما مر الزّمن. وكيف لا، وأنتِ الذي زرع في قلبها اليقين بأن الأمل ليس مجرد كلمة، بل هو إرادة وقرار، هو ابتسامةٌ في وجه الظلام، هو القوة التي تكمن في الأعماق حتى وإن كانت الرّياح تعصف بالعالم كله.
ما أجمل أن تكوني أنتِ حلمًا ملامسًا للواقع، تذكريننا أن الحياة ليست سوى سلسلة من اللّحظات التي يمكن أن تتحول إلى قصصٍ تُكتب بأحرفٍ من نور.
وأنتِ بكل ما تحمليه من رسائل، تتنقلين بين معاني الحب والإنسانية، وتزرعين السّلام في قلوبنا، كما تزرع الزّهور في بساتينٍ نادرة الجمال.
لم تكن كلماتك مجرد أوهام، بل كانت جسرًا بين الماضي والمستقبل، رابطًا بين الحلم والحقيقة. ومن خلالكِ، تعلمنا أن النّضج لا يعني التّوقف عن الحلم، بل التّمسك به والتّعلق بأهدابه كما يتمسك البحر بالأفق. وكم من الأوقات اختبرت فيها الحياة صبرك، ورغم ذلك، ظللتِ تبتسمين في وجه الأيام، وكأنكِ تعلمين أن في طيات الحزن يكمن الأمل، وفي أعماق الفشل يكمن النّجاح.
أنتِ يا من تعلمنا أن المحبة ليست مجرد مشاعر عابرة، بل هي القوة التي تُبني بها الأمم، وتجعل من المستحيل شيئًا قابلًا للتحقق.
أنتِ لامستِ أعماق الأرواح، وكأنكِ شعاع شمس يملأ الكون دفئًا ورقة. ليس في قلبكِ مكان للكراهية، ولا في فكركِ مجال للعنف، لأنكِ تدركين أن الحروب تبدأ في العقول قبل أن تكون على الأرض، وأنّ السّلام لا يتحقق إلا بتغير القلوب.
لقد غيّرتِ وجه الكثير من الأفكار المتخلفة، وأعدتِ رسم معالم السّلام في زمنٍ كان يعاني من العنف والتّشرذم. عندما سألوا عن سر قوتكِ، كان جوابكِ واضحًا وبسيطًا: “إذا كانت المحبة هي الإجابة، فلا حاجة لنا لسؤال آخر.” لقد علمتنا أن الفجر يأتي بعد الظّلام، وأن العنف ليس سوى حالة من الفوضى التي يمكن للسلام أن يزيلها بروية وحكمة.
أنتِ الآن، وأكثر من أي وقتٍ مضى، رمزًا للكثيرين ممن يسعون لتحقيق العدالة والمساواة. في كل خطوةٍ تخطينها، تفتحين أمام الأجيال القادمة أبوابًا جديدة لفهم الحياة بشكلٍ أعمق وأكثر توازنًا. قد تظنين أحيانًا أنكِ وحدكِ، وأن العالم كله يدير ظهره لأفكاركِ، ولكن الحقيقة أن كل فكرة تزرعينها في عقول الأجيال تصبح حجرًا في بناء المستقبل.
أنتِ مرساة الأمل التي تثبت بوصلة السّلام في عالم متقلب، تزرعين البذور في تربة النّفوس الطّيبة، وتُشيدين معالم المستقبل الذي لا يغيب فيه الحب ولا تتبدد فيه الأماني.
لذلك، فإن الرسالة التي تتركينها هي رسالة أمل، رسالة محبة، ورسالة إنسانية.
أما الأجيال القادمة، فلا شك أنهم سيذكرونكِ بكلماتٍ تهتف بها قلوبهم في كل زمانٍ ومكان، لأنكِ علمتِهم أن الحياة لا تُقاس بما نملكه، بل بما نقدمه للآخرين.
في النّهاية، أنتِ لستِ مجرد امرأة أو شخص، بل أنتِ الأمل في أبهى صوره. أنتِ الحلم الذي تحقق رغم صعوبة الظّروف، والمستقبل الذي صار واقعًا بفضل إصراركِ وعزيمتكِ. إنكِ تذكريننا دائمًا أن الحياة ليست سوى فرصة للإبداع، لزرع الفرح، لنشر الحب، لبناء عالمٍ أفضل.
وإذا كان هناك شيءٌ يستحق أن يُخلد في الذّاكرة، فهو كل لحظةٍ قضيتها في نشر النّور وسط الظّلام. أنتِ الوعد بعطر الأمل الذي يملأ الأفق ويُعطر الزّمان.
د. محمد عبدالعزيز
D-Mohamed Aziz
Discussion about this post