الأرض تصرخ تستنجد
تنزف تتألّم من شدة اليأس.
كوكبي حياة،
كوكبي ممات،
معقل الآهات .
هناك الكثير من العطش والجوع للحب، للإبداع، للحرية، للطبيعة، للسلام ، للخبز وللماء أيضا. فقر مدقع.
الإنسان بكل حماقاته زاغ عن الطريق السوي أصبح وحشا كاسرا أصابه جنون البقر ولم يعد في إنسانيته إلا القشرة تطير مع أول ريح عاتية.
صبرت ما كفى.
استنزفني التاريخ, استنزفني الزمن, استنزفني الإنسان القابيلي منه، عشّشت في أحشائي مخلوقات الكرملينز .
اكتسحت الآلة أنفاسي الخضراء ، ونثرت جزيئاتها الإصطناعية حتى أصبحت أشبه بالروبوت في عقر طبيعتي، اقتلعت هويتي لتخدم تفاهة الإنسان، وصلتني روائح دماء ملوثة بالعنف والتقتيل، زلزلت دواخلي غضبا وتقزّزا، ما إن علمت أنها دماء الشهداء حتى زاد شغفي وشمّرت على سواعدي، سقيتها بماء زلال من بحر روحي لعله ينبت زهرة السلام.
أنهكني تعاقب الحروب بين سكّاني، تطاحن مستمر فهل من مغيث.
تارة أتنفس الصعداء رحمة من ربي، وتارة أخرى تتجشأ أحشائي زلازلا وبراكين و فيضانات و أعاصير ، فتأكل الأخضر واليابس، وتقلب الأمور رأسا على عقب، فوق طاقتي لا ألام.
من يا تراه ذاك الذي تجرأ على إفساد مضجعي وتخريب طبيعتي؟
من غير الإنسان صاحب العقل والروح ياحسرتي؟
ماخطبك تجري جري الوحوش على مقرب من خط أفقي ،ويحك لم تعد تفقه علم الفلك ولا أدب العشق.
تعلم أني كرة تنبض بالحياة قزحية الألون ، فل تلعب معي وتداعبني عوض تمزيقي وإتلافي واقتلاع جذور بسمتي!
تصرفاتك المرعونة تفزع شمسي وقمري, تقتلع كسوتي الخضراء، تعكر صفو مياهي.
أريد أن ييأس شرُّك في تسلطهِ وعُنفك في جبروته وأن تجهش سمائي بالبكاء فرحا ، وتعزف أرضي نوتات خصبة ولو بعد حين.
لاأرغب في اختراع ساعة رمل جديدة، ولا معاملتك بالمثل فتلك ثقافة بئيسة، بل أريد أن تتورد وجنتي بحري خجلا من عشقك لمكامن دواخلي حتى يقف الزمن وقفة إجلال لتواجدك معي حيوات وعوالم غنية بالأوراق الناصعة البياض… تنتظر من يملأ صفحاتها سموا وجرأة وحرية… بالحب بالسنابل المنحية تواضعا، من فرط ثقلها محملة بالجود والكرم ، مهما عصفت بها قريبة من الأرض الخصبة، تطرح بذورا كلما بكت السماء شوقا للقاء الحبيب.
أعرف أني لست الجنة ولا النار .
من أنا إذن؟
أنا المتفردة بمعجزة الحياة .
بالله عليك إن خنتي لن تخون إلا نفسك وتتجه إلى حتفك.
رفقا بالقوارير فأنا أمك, من رحم فضائي ولدتُ وترعرت، من خيراتي تَقَوَّت سواعدك .
تجهش سمائي بكاءً لتروي عطشك، وتُنبت أرضي أشجارا لتُطعم جوعك .
تتراقص الفراشات ملهمة لإبداعك.
تتغنى الطيور شدوا سابحة في أعماق روحك، عازفة سمفونية جوارحك .
أعترف أننا نُكمل بعضنا تلك إرادة الله هذا لا يُخوِّلُ لك العبث بي وبك .
فلنحتوي قصة عبلة وعنترة فينا لعلنا نغير بعضا من قدرنا بالدعاء والإجتهاد والبحث والتمحيص.
تعلم سيدي الإنسان أنك شُرفتَ كأعظم خلق الله.
جمال عقلك وروحك يأسرني .
طبيعة قلبك وقالبك تشع بالغنى والتناقض.
نفهم أنك تريد أن تبدع وتجرب وتغامر وتصل إلى أحسن نسخة منك .
جميل كل ذلك بالمقابل نراك سفيها تسفك دماء الأبرياء ، تخرب ولاتبني عمارة ، تعلي كلمة العنصرية عوض التآزر والتعاون.
فلنتفق على هدنة محارب نعيد فيها ترتيب الأوراق بفنّية وجمال ، ونبحث عن أفكار عظيمة ونخرج من مساحة الراحة إلى العمل.
نوظفها في الخير في التجوال لاكتشاف أغوارنا ، إلى أبعد حد أفقيا وعموديا ومائلا ومتعرجا وحلزونيا.
لا تخجل من أخيك كن قويا فيما يعمر ودياني ويسعد فصولي المتعاقبة ويتبسم لمكامن مضمري وظاهري و من يسكنني بكل تناقضاته خيره وشره .
أستحي أن أعبث بك و أنا المخلوق المسخر للإعتناء بك تعيش في أحشائي أحبل بك الدهر كله
المدهش والمهول أني حينما ألدك تموت لتعيش روحك في عوالم أخرى لا يعلمها إلى الباري ويبقى جسدك رفاتا يخصب أرضي
ما هذا القدر؟
الكاتبة: هناء ميكو
Discussion about this post