رمالٌ متحرّكة
الأفكارُ ، القلقُ، العودةُ الى الذّات رمالٌ متحركة…
عندما نستكين لننام لا نجد راحةً لأنفسنا …
نتخبّط بأفكارنا ، يستبدّ بنا القلق ، يعربدُ في رؤوسِنا بكؤوس الضّياع …
في الأحلامِ نقود سيّارتنا ، الضّوءُ يخفتُ والطّريقُ شائكة …
نريد أن نصلَ الى ضيعتنا ويتعطّل المسير ، نذهب في طريقٍ خاطئ
معنا أولادنا الصّغار ، _في المنام يختلط الزّمان_ لماذا أسترجع ذكريات بيتٍ استأجرناه في بلدةٍ ، حظّ أهلها كبيرٌ خاصّةً بالنّسبة للبنات لأنّ التّعليم لم يكن مختلطًا فغدتِ البنات مثقّفات والشّباب قلّةٌ منهم تلقّوا دراساتهم في أماكن مختلفة … فاختلفتِ العقليّة … الصّبايا يتزوّجن من مناطق متعدّدة ، والشّباب أكثرهم يمضون حياتهم يكتفون بالفتات …
يوقدون حياتهم في أحضانٍ رخيصة الى أن تترمّد طاقاتهم ويكبرون …
ولماذا أسترجع أيضًا ،ليلًا، طفولةَ أولادي ، لكن باختلافٍ يُزعجني فلا أقدر على ضبطهم لا بالصّراخ ، لا بالسّكوت ولا بالقسوة وكأنهم وُلِدوا اليوم حيث من الصّعب علينا تربية أولادنا … أين أباؤنا من نظرةٍ كنّا نفهم ما يريدون ؟…
تغيّرتِ الأيام بسرعة … الأولاد الكبار في البيت مكبّلون بسلطة الأهل ويعيشون معهم العوزَ والتّعبَ كي يُعلمّوهم… والعلمُ سلاحُ المرءِ في الحياة …
أمّا الأصغر فيتحرّرون لأَنَّ الوقتَ يتغيّر… نعم… وبسرعة…
كلّ المثاليات تهبّ عليها رياحُ الواقعِ الّذي خلعَ كلَّ القيود … فلا يعودُ الأهل “يمونون” على أبنائهم من جهّة ، ومن جهّة ثانية يكونوا قد تعبوا مع الأكبر …
ويظنّون أنّ في تربيته الصّحيحة يربّون إخوته …
يا للنّظريّة الخاطئة! … تقول لي ابنتي (الأصغر) ” تغيّرتِ الأيام يا أمّي”
ويبقى الأهل يريدون سعادة أولادهم … وكثيرًا ما يرونهم يلحسون المبردَ ويتلذّذون بدمائِهم …
لا تقل يا صديقي إن أرَدْتَ أن تكتبَ عن فكرةٍ ما وتنفث نار َ الآتونِ من ذاتك كي ترتاحَ …أنّك تقدرُ أن تعبّرَ عن فكرتك…
لا … الكلمةُ تأخذُكَ حيث تريد ، تحيدُ عن الدّروب التي تقصدُ أن تسلكَها…
ولتتعلّم أنّ الحياةَ لا تُقطفُ ثمارُها بسهولة…
لطالما قُلْتُ : “لا أكتبُ كلماتي هي تكتبُ ذاتَها” …
مرساةُ قاربِِنا في الدّنيا هل هي بيدِنا ؟ هناك يكمنُ السّؤالُ الأصعب…
كلَّ نهارٍ أمثولتُه نتلقّاها من شجرةِ وجودِنا المتوشّحِ بقشرةٍ قد تُخبّئُ الفرحَ أو الخيبة…
ودومًا نكتبُ لنزيحَ عن كاهلِنا حملًا ثقيلا …
مهما تكلّمنا عن هذه الرّمال المتحرّكة في رأسنا ، إن لقريبٍ أو بعيد يصلُ كلامُنا الى مسامعِه ولا يُهامسُ شرايينَ قلبِه…
يا للكتابة!… من نبعٍ مقدّس نستقيها …
الكتابةُ تحملُ بحروفِها أثقالَنا… لأنّ الكلمةَ ساميةٌ …تستنيرُ من النّور الحقيقيّ في السّماء… بقلم حسناء سليمان… لبنان
Discussion about this post