شهر رمضان له خصوصيته ومنزلته الرفيعة عند المسلمين، ومظاهره الإحتفالية تكاد تكون متشابهة في البلاد العربية، وإن كانت تختلف أحيانا في بعض العادات والطقوس التي تميز كل بلد عن الآخر نتيجة مجموعة من العوامل خاصة منها الجغرافية والثقافية.
تستقبل الأردن شهر رمضان استقبال المشتاق لأحبته قبل أسابيع من وصول الضيف الكريم، فتبدأ الأسر في تزيين المنازل وشراء الفوانيس والقناديل الملونة، بينما تتزين المحال والشوارع بالزخارف المضيئة، وتنتشر أكشاك العصائر التي لن تراها إلا في هذا الوقت من العام، فيتحول كل شبر في أرض الأردن إلى ساحة استقبال تعمها الفرحة والبهجة
حيث تعتبر الأردن أرض السلام والضيافة، تلتقي فيها عراقة التاريخ وأصالة الثقافة في مزيج غني من العادات والتقاليد، لتستقبل الأردن شهر رمضان المبارك بأجواء ساحرة وممارسات فريدة.
ويبهرك منظر الشوارع المضاءة بالأهلة والمصابيح وأسطح المنازل المزينة بالفوانيس، ورائحة الحلوى وأكشاك العصائر، والخيام وموائد الرحمن .. ما بين هذا وذاك، هناك الكثير من الاحتفالات والطقوس المُبهجة التي تصنع في سماء الأردن غلافًا رمضانيًا يحتضن الجميع.
وفي رمضان تزداد بين العائلات الأردنية الزيارات واللقاءات الجماعية حول مائدة الطعام، فحتى اليوم تحافظ بعض القرى والأحياء الشعبية على إرثٍ قديم تراجع في عصرنا كثيراً، هو تبادل أطباق الطعام قبل آذان المغرب، في عادةٍ اجتماعية تسمى “المساكبة” حتى تغدو سفرة الإفطار “بوفيها مفتوحا”، تسوده أجواء التراحم والمحبة والألفة.
ولأن الأردن استقبل أعداداً كبيرة من اللاجئين الباحثين عن الأمان، يتسابق “النشامى” نحو فعل الخير بالمناطق والمخيمات التي تشهد خلال الشهر الفضيل مبادرات وحملات توزيع المواد الغذائية والعينية بكل أنواعها.
وتصدح المساجد بالآذان في كل مناطق الأردن، حيث يبلغ عددها بنحو سبعة آلاف مسجد ومصلى، ويزيد الإقبال على أداء الصلوات الخمس وصلاة التراويح في المساجد وتلاوة القرآن والأذكار وتنظيم حلقات الوعظ والإرشاد والتوعية الدينية.
أما المجالس العلمية الهاشمية التي تعقدها وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية سنوياً خلال شهر رمضان المبارك برعاية ملكية سامية بعنوان “وقفيات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للكراسي العلميّة”، يشارك فيها كوكبة من العلماء والدعاة وأصحاب الفكر من العالم الإسلامي بحضور جلالة الملك أو مَن ينوبهم من الأمراء، يناقشون قضايا وهموم الأمة الإسلامية ومشاكلها وفق منهجية علمية مع الحكمة والوسطية، وإبراز دور العلماء في توجيه الأمة وبيان أحكام الشرع الشريف والتأكيد على وسطية رسالة الإسلام والدعوة لها بالحكمة والموعظة الحسنة.
وما يثير الانتباه أيضا خلال هذا الشهر الفضيل هو إطلاق مبادرة تسمى “إفطار الصائم”، وتتمثل في توزيع المياه والتمور على المارة في الشوارع والطرقات والذين لم يسعفهم الوقت للوصول إلى وجهتهم قبل وقت الإفطار، إلى جانب المبادرات التي تقوم بها جمعيات من خلال نصب خيم لمساعدة المحسنين وأهل الخير على إقامة مأدبة إفطار الصائم للأسر المعوزة وللطلبة من الدول الإسلامية والعربية الدارسين بالجامعات الأردنية.
وفي هذا الشهر العظيم، وفي إطار التعايش الديني بين المسحيين والمسلمين، نجد مبادرات محمودة يقوم بها عدد من أبناء الطائفة المسيحية في بعض محافظات المملكة من خلال توزيع التمور على الصائمين وإقامة موائد وإفطارات رمضانية، ضاربة بذلك أروع الأمثلة في المودة والتآخي والتعايش والتسامح والمساندة بين أبناء الوطن الواحد في رمضان وغيره من الشهور الأخرى.
وفي نفس الإطار، تشارك الطائفة المسيحية بالأردن المسلمين احتفالاتهم بأجواء هذا الشهر الأبرك، بالانضمام إلى الأعمال الخيرية
بقلم حجاج أول عويشة الجزائر 🇩🇿







































Discussion about this post