الإطعام في شهر الرّحمة: عبادة تتجلّى في روح التّكافل
بقلم/ بشرى دلهوم
شهر رمضان هو شهر الرّحمة والمغفرة، فيه تتجلّى أسمى معاني التّكافل الاجتماعي والتّآزر بين المسلمين، ومن أبرز هذه المعاني إطعام الطّعام، الّذي يُعدّ من أعظم القربات إلى الله عزّ وجلّ، كما جاء في القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة المطهّرة.
الإطعام في القرآن الكريم
حثَّ الله سبحانه وتعالى على إطعام الطّعام، ومقربة بصفات المؤمنين الَذين يرجون رضوانه، فقال:
﴿وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًۭا وَيَتِيمًۭا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءًۭ وَلَا شُكُورًۭا﴾ (الإنسان: 8-9).
كما جعل الله إطعام الطّعام من أسباب النّجاة يوم القيامة، فقال:
﴿فَلَا ٱقْتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍۢ أَوْ إِطْعَامٌۭ فِى يَوْمٍۢ ذِى مَسْغَبَةٍۢ يَتِيمًۭا ذَا مَقْرَبَةٍۢ أَوْ مِسْكِينًۭا ذَا مَتْرَبَةٍۢ﴾ (البلد: 11-16).
الإطعام في السنة النبوية
أكّد النّبي ﷺ على فضل إطعام الطَعام، وجعل ذلك من خصال أهل الجنّة، فقال:
“أيّها النّاس! أفشوا السّلام، وأطعموا الطّعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والنّاس نيام، تدخلوا الجنّة بسلام” (رواه ابن ماجه).
كما بيّن أنّ من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، فقال ﷺ:
“من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنّه لا ينقص من أجر الصّائم شيء” (رواه الترمذي).
الإطعام في شهر الرحمة
يتضاعف الأجر في رمضان، ويكون إطعام الطّعام من أفضل صور البذل والعطاء، فهو يعزّز المحبّة بين النّاس، ويدخل السّرور على المحتاجين، ويحقّق معاني التّكافل الاجتماعي. لذلك، نجد المسلمين في هذا الشّهر المبارك يتسابقون في إقامة موائد الإفطار، وإعداد السّلال الغذائيّة للفقراء، وتوزيع التّمر والماء عند المساجد.
صور الإطعام في رمضان
1. موائد الرّحمن: تنتشر في العديد من البلدان الإسلاميّة، وتقدّم وجبات الإفطار للفقراء والمحتاجين.
2. تفطير الصّائمين: عبر تقديم التّمر والماء في المساجد والطّرقات.
3. التّبرّع بالمواد الغذائيّة: توزيع سلال غذائيّة على الأسر المحتاجة.
4. إكرام الجار والأقارب: دعوة الجيران والأقارب للإفطار تعزّز المحبّة والتّآخي.
الخاتمة
إن إطعام الطّعام في رمضان ليس مجرد عادة، بل هو عبادة عظيمة تُطهِّر القلوب، وتنشر الرّحمة، وتُقرِّب العبد من ربّه، فهو سبيل لنيل رضوان الله ودخول الجنّة، كما قال رسول الله ﷺ:
“في الجنَة غرف يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها”، فقالوا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: “لمن أطاب الكلام، وأطعم الطّعام، وأدام الصّيام، وصلّى بالليل والنّاس نيام” (رواه الترمذي).
فلنجعل من شهر الرّحمة فرصة لمضاعفة الأجور، ومدّ يد العون للمحتاجين، حتّى ننال بركة هذا الشّهر الكريم ورحمته.
الكاتبة بشرى دلهوم الجزائر، البليدة
Discussion about this post