بقلم … محمد .م. علي
أذكُرُ تمامًا كيفَ وقَفتِ أمامي تُحاوِلينَ الاعتِذارَ.
سَأَلتُكِ بقلبٍ يَحتَرِقُ: لِماذا كُلُّ هذا الخَرابُ؟
كانَتِ الرِّيحُ عاتِيَةً،
وكانَت أُغنِيَةُ عبدِ الوَهَّابِ “مِين عَذَّبَك؟” مَكتوبةً على ساعِدي بخطِّ يَدِكِ،
وصوتُ الكَمَنجاتِ يَنتَظِرُني بعيدًا كي أَقودَ القافِلَةَ.
يَقولُ الغَجَرُ إنَّ حربًا اندَلَعَتْ قُربَنا، بِسَبَبِ القَحطِ وقِلَّةِ المَرَاعي،
وأنَّ القافِلَةَ يَجِبُ أنْ تَسيرَ.
انتَظَرتُ جَوابَكِ وأنا أُراقِبُ عَينَيكِ، الدَّافِئَتَينِ كالحُبِّ، البَارِدَتَينِ كالمَوتِ.
لِماذا كُلُّ هذا الخَرابُ؟!
وصوتُ الكَمَنجاتِ يُناديِني:
“القافِلَةُ يَجِبُ أنْ تَسيرَ…”
الحَربُ قادِمَةٌ لا مَحالَةَ،
والغَجَرُ يُلَمْلِمونَ الرَّقصَ مِنْ حَولِنا، ويَركُضونَ نَحوَ الأُفُقِ.
كُنتِ واقِفَةً أمامي مِثلَ شَجَرَةٍ يابِسَةٍ،
بعَينَيكِ الحَبِيبَتَينِ تُشِيحينَ النَّظَرَ عنِّي، وتَقولينَ:
“سَامِحني…”
“مِين عَذَّبَك؟!” أُغنِيَةٌ صارَتْ نَدوَبَةً على ساعِدي،
وصوتُ الكَمَنجاتِ يَبتَعِدُ…
ويَضطَرِبُ…
كانَتِ الرِّيحُ عاتِيَةً،
لِدَرَجَةِ أنَّهُ عندما أَدَرتُ ظَهري ونَوَيتُ اللِّحاقَ بالقافِلَةِ،
مَحَتِ الرِّيحُ مَلامِحَ وَجهي،
ولَمْ يَتَعَرَّفْ علَيَّ أَحدٌ.
مِنْ يومِها، وأنا صوتُ كَمَنجَةٍ تُنادي وَحدَها…
لا غَجَرَ يَرقُصونَ، ولا صوتٌ يُجيبُ،
وحدَها الرِّيحُ تَهُزُّ أَغصانَ شَجَرَةٍ يابِسَةٍ،
وَسَطَ أَرضٍ قاحِلَةٍ، مَليئَةٍ بِشَواهِدِ القُبورِ.
بقلم … محمد .م. علي
Discussion about this post