من ربوع الصحراء المترامية بين رمال الجنوب الليبي وشفق المدن العتيقة، نطل عليكم بسيرة بزغ نجمها فكان الشاعر عمر عبدالدائم من سبها، المدينة التي تكتنز في أفقها أصداء الحكايات وألوان التاريخ. شاعرٌ وروائيٌ ليبي، تنقل بين عوالم الهندسة والقانون والأدب ، لكنه وجد ملاذه الأعمق في الشعر، حيث سكب ذاته في كلمات تنبض بالحنين، بالوطن، وبوجع الإنسان،رجل المعرفة المتعدد الأبعاد غاص في بحور العلوم ، ليصنع من نفسه شخصية استثنائية، في مزيج نادر ينعكس في كتاباته ، ولد الشاعر والكاتب الليبي في 18 مارس في مدينة سبها عام( 1964م )حصل على درجة البكالوريوس في الهندسة من الأكاديمية العسكرية للهندسة الجوية في سراييفو (يوغوسلافيا) عام (1985م )واكمل دراسته وحصل على درجة الماجستير في القانون الجنائي من جامعة طرابلس المفتوحة بليبيا عام (2016م) ،يدرس حالياً كأستاذ جامعي متعاون في كليات القانون بليبيا،وباحث دكتوراة في القانون الدولي الجنائي، متعمق في قضايا مختلفة ،بدأ الشاعر مسيرته الأدبية بالشعر، حيث نشر العديد من قصائده في مجلات محلية وعربية مثل “الشمس”، “الكلمة”، و”فسانيا”. له ثلاث مجموعات شعرية: “يسكنني” (2014م) “قبضة حلم” (2018)، و**”بذار”**. كما تُرجمت بعض أعماله إلى الفرنسية،شارك في أمسيات ومهرجانات شعرية محلية ودولية منها مصر، تونس، والإمارات، وهو رئيس منتدى ألوان الثقافي وعضو مؤسس لمنظمة آفاق الثقافية. مؤخرًا، دخل مجال الرواية بإصدار روايته الأولى بعنوان “عمر آخر” التي تمزج بين السرد والشعر ،كانت بداياته المهنيةبعد تخرجه في تخصص الهندسة الكهربائية من الأكاديمية العسكرية للهندسة الجوية في يوغوسلافيا (سابقًا)، عمل كضابط في الجيش الليبي، وتخصص في الأنظمة الدقيقة للصواريخ المضادة للطيران. كما عمل لاحقًا في المفوضية العليا للانتخابات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي في ليبيا ،له الكثير من الاسهامات الثقافية منها :-تأسسه “لمنتدى ألوان الثقافي”، الذي يهدف إلى دعم الأنشطة الثقافية في ليبيا كانت تجربته الشعرية محل دراسة أكاديمية، حيث تناولت أطروحات جامعية وأبحاث رسائل الماجستير أعماله الشعرية ،وقد كانت رؤيته الأدبية ثاقبة
حيث يعتبر أن الأدب الواقعي يمكن أن ينقل الهم الإنساني بغض النظر عن البعد الجغرافي حيث يستلهم تفاصيله من الواقع ويؤمن بأن الترجمة فتحت له آفاقًا جديدة، ولكنه يعبّر عن خيبة أمله من عدم الاهتمام الكافي بدراسة ترجماته في العالم العربي.
هذه الجوانب تعكس إسهاماته العميقة في الثقافة الليبية ومزجه بين مجالات الأدب والقانون فهو ليس فقط مبدعًا في الشعر والرواية، بل يمتلك خلفية ثرية تجمع بين التخصصات التقنية، القانونية، والإنسانية، ما يجعله شخصية فريدة في المشهد الثقافي الليبي والعربي ،عاش الشاعر في مدينة سبها بجنوبنا الحبيب ذات التنوع الثقافي والتاريخ العريق ويظهر هذا الانتماء العريق في أعماله التي تحمل أبعادًا إنسانية وقيمًا تتجاوز الحدود الجغرافيةوحيث نضحت قصائده بالمشاعر الأصيلة التي تتشابك فيها تفاصيل الحب، الحرب، والوطنية فلم يكن شاعرًا فقط بل كان أكاديمياً ومهندساً متخصصًا في الأنظمة الدقيقة و هذه الخلفية التقنية انعكست في عمق تحليله وسلاسة لغته. بعد تحوله للمجال القانوني، ما يضيف بُعدًا جديدًا إلى رؤيته للأدب، وموقفه من اللغة والترجمة فهو يؤمن بأن اللغة هي أداة الشاعر الوحيدة للوصول إلى الإبداع ما يكشف عن جانب حساس وطموح في شخصيته،فجرب الريادة في مجال الرواية حيث يُظهر المعاناة الإنسانية ويكشف عنها بخياله الواسع وقدرته على استحضار التفاصيل،فالشاعر المبدع يعد مرآة للمجتمع ، فعبر عن خيبة أمله تجاه كافة الأوضاع في وطنه وبرز ذلك في قصائده فكانت النظرة النقدية عنده تعكس وعيه العميق بدور الشاعر كمثقف في مجتمعه وتجعله صدى للأصوات الصامتة وللحكايات التي لم تُروَ بعد. فشعره يمتاز بعدة خصائص تجعل تجربته فريدة في المشهد الأدبي الليبي والعربي لما فيه من التنوع الفكري والمزج بين التخصصات مع جمال اللغة المدهشة والأسلوب الشعري المتنوع، الذي يتسم بالوضوح والقوة التعبيرية، مما يجعل قصائده قريبة من القارئ لكونها تحمل عمقًا فلسفيًا ومعانِ متعددة،ولا ننسى انتماءه الثقافي والوطني، الذي يعكس ارتباطه الوثيق بجذوره الليبية الجنوبية فهوشاعر ذو رؤى عالمية،كتاباته مستلهمة من تجارب واقعية وإنسانية من مختلف الثقافات، ولا ننسى عمله الثقافي ونشاطه المجتمعي ،يُعرف الشاعر بقدرته على المزج بين السرد والشعر في رواياته وقصائده، مع تصوير دقيق للأحداث والشخصيات، مما يترك تأثيرًا قويًا لدى المتلقي
باختصار، جمع الشاعر بين العمق الثقافي، و البساطة في التعبير، والتأثير العاطفي، مما جعله أحد أبرز الأصوات الشعرية في ليبيا وخارجها ،لاقت أعماله صدى واسعًا محليًا ودوليًا فمن أبرز أعماله: المجموعات الشعرية:
“يسكنني” (2014م) ، وتم توزيعها في معرض القاهرة الدولي للكتاب و”قبضة حلم” (2018م): مجموعة تعكس أحلام وآمال الشعوب في مواجهة الصعاب، وقد تُرجمت إلى اللغة الفرنسية ونُشرت عن دار “لارماتان” الفرنسية.
“بذار الروح ” (إصدار لاحق): قصائد تحمل أبعادًا فلسفية وإنسانية.
“عن عمر آخر” (2021م ): روايته الأولى، وهي عمل يمزج بين السرد والشعر، ، تدور أحداثها في أماكن مثل ليبيا والبوسنة والعراق ،هي أحدث أعماله الأدبية البارزة، وتمثل تطورًا في مسيرته من الشعر إلى الرواية، مع تركيز على القضايا الإنسانية،له مشاركات دولية كثيرة في مهرجانات شعرية دولية في تونس، مصر، والإمارات، ما ساهم في تعريف الجمهور العربي بأعماله، فهي تعكس نضجه الأدبي وقدرته على المزج بين الأصالة والحداثة ليضيء شموعًا في ليالٍ فيافي الصحراء فينقل صوت الجنوب الليبي، محملاً برسائل الحب والأمل في قلبه ،وفي عقله مدنًا من الأفكار، وفي قلمه بذورًا للحلم ،فهو الشاعر الذي تماهت حياته مع نصوصه، وصارت كلماته حياةً تُلهم .
Discussion about this post