سر ديوجين
بقلم/ حسين جرود
1
صوتكِ دافئٌ
وجميل
يحمل آلام العالم
ويتركها على عتبة القول
يجرح الليل
ويغطِّي الحصى على الضّفاف
2
البدءُ
المجرفةُ
الصمتُ
المنجنيقاتُ
السّهولُ
المراوحُ
جَدُّ الشّعوبِ
مرسى القصص
لا أنفاسَ على هذا الدّربِ
سواكِ
3
انتظرتكِ بعد الموت
وبحثتُ عنكِ
وجئتِ في النّهاية
وأعطيتني فاتحة جديدة
4
تعودينَ
جديدة.. يانعة
ربيعيَّةً في أقاصي الخريف
تضيفين للعالم الصّمت
وتريحينه من عذاب النّزيف
وتريدينَ أن أشيحَ
بظلّكِ
سبعةَ آلافِ موتٍ سخيفْ
5
تمزجينَ المرارةَ
بالقلبِ
حدَّ الكَرَزْ
وتعافينَ أسماءَنا
6
خذيها منّي
قليلة
جريمة
كلمات بلا قيمة
أنا لا أتبع أحدًا
أو أنسجُ
أو أهتمّ
سوى لبلوزتكِ
الشّتوية
أنا على غصنكِ غراب
وحول الصّحارى الصّحارى
هزيمة
7
أن تكوني كلّ ما حدث
أن تكوني التّعويض العادل
عن هذا العالم
أن تعطي الأشياء جريرةَ
قولِ
ما لم يكن
8
لم أكن من مات
عرفت أنّكِ
متِّ مرّات
وأتعبتِ الملائكة
9
متعبة
تبحثين عن حبل
نجاة
نحو حياة
غير قصيرة
نحو تورُّد
أو تولُّد
ما الأسماء السّفلى للأرض
وما هذي الظّلمات
ولماذا نبحث عن شكلٍ آخر
نرجوه ليعطينا
وصفًا حرفيًا للأصوات
10
تستسلمين
للنوم
وتتركين الأمور تسير
إلى حيث ترغب
لا معنى لما يجري هنا
الحلم مركب
11
أحسم أمري بالموت
على رجليكِ
بعيدًا عن قلقي
نحو لقاء معكِ
أو بعد عنكِ
دربكِ
أو
هربكِ
12
الجداء على طريقَين
ظمأ
لم يسترحِ النّاي في أيام
عمق الحرب
في جسد الفراغ
مات الجميع على طرقات
هذي الرّيح
لا معنى لنسْكِرَه
ولا رؤيا لنكْسِرَها
13
أبدأ
بالكلمة ليأتي العالم
أم أدع العالم
يبحث عن كلمة
ويفشل
أوَليس الفشل المستمرّ
هو العيش
والكلمة قاتلة
14
لا أريد بقايا طعام
لجوف القصائد
لا أريد بقايا أفكار
لأختار دربي
لا أريد رموشًا على الوقت
لأتمدَّد
لا أريد انتظار الموت
إنما ألتصق بمقلاة الأيام
وأنسى
15
اعتياد الموت
سهل
سهل جدًا
اعتياد غياب كل ما يستحق الالتفات..
وعمى.
دبابيس في الجلد
ركلات في القلب
وشموس في الليل..
وحياة.
16
اسمك ليس ضروريًا
لتقوله
ليس خطيرًا
لتشلَّه
ليس عظيمًا لتأسطره
أو تحتلَّه
ليس وسيمًا
كي تحتار كثيرًا
اسمك
ليس مهمًّا
اسمك رمز معروف
صغير
لكنّك لا تملك غيره
17
اسمك بديهيّ أيضًا
ومع هذا تتهجّاه
وتتهجّاه
هل سبب الوحدة
أنّ الشّعراء
والمجانين
يعيشون بتلك الأسماء
أم أنّهم يبقون وحيدين
ومنسيين
حتّى لا ينفعهم شيء
حتّى الاسم الكامل
دعكَ من الاسم الآن
ما الدّرب الّذي تشتهيه
وهل تعرف شيئًا
غير الصّدفة
وأكوام البديهيّات
18
في بلادي
كانت المصائب أشياء جميلة
وزيارات طبيب الأسنان
تنقذك من الملل
في بلادي
يخشى الشّعراء من البقاء بخير
فيموتون
19
اعترافاتي طويلة
إن لم أكن
سوى حشرة
أخطأتها الأقدام
أو كنتُ قمرًا
بعيدًا
أشاهد في صمت
لغتي تموت
مع كل تلك الأشياء
ولا تبقيني
كان عليَّ أن أموت
وأموت
وهذا الجزء الباقي الّذي يكتب الآن
كان يمكن أن يكون سواه
ربَّما جزء لا يهتم بالكتابة
وربما جزء قاتل بالصّدفة
إن كنت نطفة تعبر كل بضعة أيام
بويضة جديدة
لتولد بعد شهور
ويذهب الباقي الفائض
في المرحاض
20
وأتفه
من رحلتنا
في هذا العالم
أن تمسك زمام الأمور
وتسير
وتتقدّم على هذا الدّرب الأخرس
عارفًا أنّ الكلمات
الّتي ينطقها
والأفكار الّتي تفهمها
بقع دم
سقطت منك
قبل أيام
وأيام
وأنّك تحيض
وتحيض
على طول هذا الطّريق
دون ولادة
وتتكرر جدًّا
أيضًا
فما جدوى ترك ما ألفته
إن كان ما تريده
دومًا بعيدًا
وما جدوى هذه اللحظة
الّتي تمرّ
إن لم نكن فيها
سوى غرباء
على حافة الطّرق
في زوايا الغرف
نضع أغراضنا القليلة
ونستلقي
ونتأمّل
السّقف
أو الفراغ
وجوه النّاس النّيام
الجوعى
السّائرون
اللئام
القصص
الموت
الحسرة
الانكسار
التّحدي
الاستمرار
اليقظة
اليقظة أسوأ شيء
فعندما تفتح عينيك
تتوقّف عن أيّ فعل
وليس أمامك
سوى الانتحار
أو التّحديق في اللا شيء
حتّى تجنّ من جديد
أو تنام من جديد
أو تسير من جديد
في ركب آخر
لتقف وتجد دماءك
على الأرض
ذات تحدٍّ آخر
وتراقب هذا الموت
وتبتسم له
أيضًا
وتألف الموت..
على الأقل
أنت لم تألفِ الحياة.
الكاتب/ حسين جرود
Discussion about this post