العلم والأخلاق.
لو كان في العلم دون التقى شرف.. لكان أشرف خلق الله إبليس” من المعروف أن الأخلاق والآداب معيار ثابت راسخ في التفاوت بين الناس على كافة دياناتهم وللأسف إن ما يثير الحسرة ويحز في القلب أننا نعيش في عصر تتكاثر فيه الادعاءات بالحديث عن الأخلاقيات والنظريات التربوية ودروس التنمية البشرية ووو وننسى الأوليات، والبديهيات، الأساسية التي يجب ألا تغيب عنّا بل يجب تصويبها أمام أعيننا في شتى وسائل حياتنا. فنرى المحدّثون يجعلون ميزان التفاضل في الإيمان بين الناس وفي الحضارة بكثرة العلم مجرداً من أي عوامل أخرى فمثلاً يقول: لك أحدهم أترى ذلك الطبيب،والعالم، أو ذاك الشيخ والداعي،والمفكر، هو متعمق في العلم، متفتح الذهن،واسع المعرفة،كبير الفهم، متنور الفكر لا يعرف الجهل فلا يغرّنك أي لقب من هذه الألقاب فَمقام واحد يسيء للأدب كفيل بنسف كل تلك الألقاب مصحوبة بالعقوبة حتى وإن تأخرت فمع الإمهال والإهمال لفرص الإنتباه والتنبه لطريق المغفرة وإلا فالعقوبة حاصلة وواقعه،{فلننظر إلى إبليس كيف غرّه ما ظن أن ماحَصّله من العلم والعبادة حتى أن الله رفعه في الملأ الأعلى وأصبح ذا مقام وشأن عالي بين الملائكة، لكنّ! هل نفعه ذلك.؟ بالتأكيد لم ينفعه بشيء عندما أساء الأدب مع رب العالمين، فلم يضره قلة العلم وإنما ضره قلة الأدب {التعالي والاستكبار} فأصبح مثلاً واضحاً ملعوناً على الإطلاق في الدنيا والآخرة لكل من فكر أن يسيء الى الأدب. حيث أن الشرع قد اهتم بالأخلاق والآداب قبل طلب العلم ..ولا ريب بأن يكون الشرط دائماً أنه ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة، فما لا يمكن تحقيقه بالقوة من الممكن تحقيقه بالأدب والأخلاق والمحبة فاالأدب وكرم الخُلق مطلب ديني ودنيوي وعقلاني. إنّ البلايا لم تتوال علينا إلا وقت ترك الناس للأدب والخلق الحسن، وأقبلوا على العلم، ولم يزينوه بحليته الواجبه الحقيقيه
لذا فلا قيمة ولا مكانة للعلم، إذا كان صاحبه ناقص التربية بسلوكه وأخلاقه. ولم يظهر ذلك من خلال أدبه مع أهله واصحابه وإخوانه بل حتى مع من يخالفه ديناً أو عقيدةً أو مذهباً أو منهاجاً أو رأياً. فالعلم ليس مجرد كتب تُحفظ أو معلومات تُلقى أو صفوف تُدرس، بل هو تربية وإعداد وترسيخ مفاهيم، وغرس قيم وأخلاق. وبقاء أيّ مجتمع مرهون بقدرته على الحفاظ على مقوماته من الأداب والأخلاق لذلك اذ أن أي قوة في العالم تبدأ إذا كانت في ثبات أخلاقي، وكل هزيمة تبدأ بانهيارها اذا إنهارت ألاخلاق.
عباس موس فواز
Discussion about this post