سندسيّات
الكاتبة/ سندس
على درب التبّانة التقينا
~ حكايةٌ من يراع العصور~
( 1)
بعد فرسخ نجمي
أضحينا معاً في المثلّث الصّيفي
أمام صرح الأبراج
في نقطة سماويّة ،
تحت ظلال الحقيقة .
انطلقنا من عباب الأمواج
على أوتار قيثارة الحكاية
قفزنا الى زمن ما خلف الدّهور
نابذين كلّ ما فيها من فن و شهدٍ
مختلجين كل ما فيها من عشق وشعرٍ
الى غدٍ موعود …
أسدلنا أبواب السّماء جميعاً
أشعلنا القناديل و البخور
ولخصنا قصة الزهد أمام شرع التّجلي
أخمدنا كلَّ أوهام الماضي
وصنعنا قمراً لنا وحدنا
دائم الهلال سرمديّ السّنا
وبنينا لنا
فيه أبد الدهر أفقًا مشاعا …
(2)
بين ذي وذاك ~~~
فرشنا خارطة الجروح على مائدة الشعرلنحصيها
بسطنا على أغصان الصفصاف أطلال ذواتنا لنبنيها
غاطسين في مدى الاهوال ،
عُمنا في جنونها ناثرين كلَّ أحزان الأمس على الارض
أحضرنا أسوار سجون و قلاع العالم كلها
ورحنا نردد تعاويذا وآيات
نرتّل ترانيما وحجابات
قد تولد اليمامة ….
(3)
على مفرق الاجيال أزهرَت المدائنُ
واستيقظ الخزامى
من غفوته العميقة في دفق الشرايين
استفاقتْ مِلءَ روحينا شهقةُ بكاءٍ معتق
ومن لُجَّة الآهات أورقتْ زنابقَ بيضاءَ
واجتاحت نشوةٌ همجيةٌ الأنامَ والسماءَ
اخضلت اوراقُ الحناء الذابلةُ
فوق شفتينا
فتقطرت حباً ..
تقطرت حساً ..
تقطرت صفاء …
(4)
أعدنا لمملكتنا المهجورة عرشَ الشمس ِ
فتحنا جنائن البيلسان
فازهر الحبُّ على الافنان
وعاد للربيع سوسنـُهُ
باركتنا الفراشاتُ
وغطتنا دالياتُ العنبِ ،
أحرقنا الليلَ بدفء الحنين
ومن ندى الوجد
ملأنا جرارَ الروح
خمراً وكوثرا
وبريقاً كدمِ الغروب …
نام الزمانُ فينـــا
فلا ليلٌ … ولا نهارٌ …
لا كوكبٌ … ولا مدارٌ …
سجتْ بسمات النجوم على اعيننا
نمنا … غفونا
غفوةً ألذً من النعيم وأحلى من الهنا
والسراجات تسكب عطراً على ثغرينا …
عانقنا السحب الثقيلة
ذاهلين عن سحر العتمة
في تلك الفراديس الغناء
تمرَّغنا بالعشب
في الفرح غارقون
في الحيرة في الذهول
في الصمت البليغ
والصمت بلاغة وفنون ~
في ثورة البحر
في الفتنة النبيلة
في سمو الجمال
وصفو السكون ….
(6)
ضمّني وحملني مع إعصار شوقِه
وقذفني الى روض
حيث الصخبُ … حيث الرعبُ
حيث الندبُ … حيث الحب ُ …
(7)
حملنا هوانا على كتفينا
مريضا حافِيا
طويل الذقن أشعثَا
رث الثياب مترنحا
فسقيناه كأساً ينضح بالضوء والحب الوريق ….
وجمال سماوي طهر أهدابنا
بالهمسات أحيانا وبغول الأنفاس أحياناً
وأحياناً بالصمت العميق …
ذبنا ضحكا ً ودمعا سخينا ،
ألفُ وترٍ ووترٍ انتفض فينا
ألفُ قمرٍ تآلق حولنا
وسخى البخور والعطرُ انهمر…
عصرْنا الوجدَ من أنسام الليل المخملية
وشميم القبلاتِ زفها المطر
وعلى شفتينا كخيوط ٍسرى نسغ سكّر …
استيقظنا صباحا جذِلان
ولا ندري ان كان أصيلاً او كان فجراً
يتلألأ على جبهته الغسقية بهاء السهى
وعَبَق براعمِ الزهر ..
(8)
سكبتُ على شَعْرِه رحيقَ نحل وخلاصةَ زمرّد
عصرتها من سناه
حارَ بطعمها الليل
وغار من حلوها النهار
ومن صمتٍ رخيمٍ
خلقت معزوفاتٍ صوفية
نثرتها على صدره
وسنا فوانيس كهنوتية قرب المكان …
امسكَ بيدي ّ
ونثرنا معاً على جسدي أوجاعنا المعتقة
فنزفتْ جروحُه دمي
وبكتْ دموعَه عيني …
وأنفاسُه زفرها فمي
وصدحتْ آهاته حنجرتي
فهربْتُ مسرعة الى شرايينه
واستوطنتُ في دهاليز عظامه
وأنا السمكةُ الضالة في بحر براءته …..
(9)
كنا نحسب في القطاف غولاً مختبئا ً
قضيناه بسؤال
رأيناه سرَّ الجمال
وزبدَ الجلال
ضاقَ به الحكماء
دق كثيرا على الافهام
على ضفاف الحياة
تساءلنا في سرنا أين الجواب !
احيانا كنا نراه ضياء
منا اقتربَ ودنا
فاذا مددْنا أيديَنا لنمسكهُ
اضمحلَّ وغاب
وإذا جرينا خلفه
ككرة جليد ذابْ
وأحيانا كطيف ٍ يمر أمام وجهينا
نحلقُ لنلحق به ، يخطفهُ غراب .. …
(10)
اجبني يا ليل ُ~~~
كيف تنطفئ بين ظلامك الاماني الخالدات
وكيف تُخمَدُ بين نجومك أحلامنا الجميلات
ولماذا تذوي في جبروتك الافئدةُ
وهي ضياء اُفُق
ونشيدُ عرائشِ
وأنغامُ لناي رعاة ؟….
Discussion about this post