إصدار رواية “تيه في رحلة الحياة” للروائي نور الدين طاهري ببروكسيل: ملحمة أدبية تحمل روح المهجر
المؤلف نور الدين طاهري
وسط أمواج الحياة المتلاطمة، يولد كتاب ليشهد على رحلة كاتبه، ليكون مرآة تعكس خبراته، تأملاته، وصراعاته الفكرية والوجدانية. هكذا جاءت رواية “تيه في رحلة الحياة”، ليس فقط عمل أدبي، بل خلاصة لتجربة إنسانية متفردة، مليئة بالتحديات والآمال.
صدرت الرواية مؤخرا في بروكسيل عن المجلس الأوروعربي للفكر والدراسات والترجمة (CEAPET Édition)، حاملة توقيع كاتب يمزج بين جذوره العربية ورؤاه المستوحاة من تجربته في المهجر. يمثل هذا الإصدار لحظة فارقة في مسيرة الكاتب، الذي عاش تجربة أدبية وروحية مكثفة خلال مراحل كتابة وتنقيح هذا العمل.
“تيه في رحلة الحياة” ليست مجرد سرد لأحداث وشخصيات؛ إنها استبطان لمعاني الحياة، ومواجهة للأسئلة الكبرى التي طالما رافقت الوجود الإنساني. بطل الرواية، محمد، يجد نفسه غارقا في خضم تيارات متناقضة. التحديات التي يواجهها ليست فقط خارجية، بل تمتد إلى داخله، حيث تتصارع الرغبات مع القيم، والخوف مع الشجاعة.
الرواية تجسد ملحمة إنسانية عن الإصرار والبناء وسط الخراب النفسي والاجتماعي. محمد، بطل العمل، يعكس روح التحدي التي يمتاز بها المهاجر الذي يعيد صياغة ذاته في بيئة جديدة. في لحظة فارقة، يدرك أن المعاناة ليست سوى معلم خفي، وأن الطريق إلى السكينة لا يبدأ إلا من الداخل.
ما يميز هذا العمل هو ارتباطه الوثيق بأدب المهجر، الذي يحمل في طياته ثنائية الانتماء والاغتراب. الكاتب، الذي عاش تجربة المهجر بكل ما تحمله من أبعاد نفسية وثقافية، أضفى على الرواية طابعا خاصا يجعلها تتجاوز كونها مجرد عمل أدبي لتصبح شهادة على معاناة وأحلام المهاجرين.
من خلال تفاصيل الرواية، يتبدى تأثير المهجر في صياغة الشخصية الرئيسية، وفي تشكيل رؤيتها للعالم. يتناول الكاتب بأسلوب راق قضايا الهوية، الاندماج، والتحدي المستمر لإيجاد توازن بين الجذور والواقع الجديد.
لم تكن رحلة هذا العمل إلى النشر سهلة، بل مرت بمراحل شاقة من التأمل، الكتابة، التنقيح، والتنسيق مع دور النشر. يُشير الكاتب في كلمته إلى أن هذه الرواية هي جزء من روحه، ولحظة طبعها كانت بمثابة ميلاد جديد، خاصة أنها صدرت في عاصمة أوروبية تحمل رمزية التنوع والانفتاح.
دور النشر مثل *CEAPET Édition*
( المجلس الأوروعربي للفكر والدراسات والترجمة) تلعب دورا حيويا في دعم الكُتّاب العرب في المهجر، حيث تتيح لهم منصة للتعبير عن هواجسهم وتجاربهم، مع ضمان وصول أعمالهم إلى شريحة واسعة من القراء.
تدعو رواية “تيه في رحلة الحياة” القراء للتأمل في معاني الحياة وتحدياتها، وتحثهم على رؤية الأمل وسط العتمة. الرواية تُظهر كيف يمكن للأدب أن يكون جسرا بين الثقافات، وسلاحًا لمواجهة الاغتراب والاضطراب النفسي.
يترك الكاتب هذا العمل بين أيدي القراء، آملا أن يلامس قلوبهم كما لامس قلبه. إنها ليست مجرد رواية، بل تجربة إنسانية كاملة، تروي حكاية البحث عن الذات وسط التيه، وتجسد الأمل في مواجهة الصعوبات.
“تيه في رحلة الحياة” ليست فقط إنجازا أدبيا، بل هي شهادة على قدرة الإنسان على الإبداع رغم كل الظروف. هذه الرواية، الصادرة من بروكسيل، ليست مجرد كتاب على رفوف المكتبات، بل هي دعوة للتأمل، للتغيير، وللبحث عن المعنى الحقيقي للحياة.
Discussion about this post