رحلة إلى قوالب البلاستيك
في زمنٍ تجمّلت فيه الشفاهُ وتراصَّت الأضلاعُ،
أصبحَ الجمالُ لعبةً بأيدينا، وإرثًا مزيفًا يُباعُ!
كلٌّ يريدُ أن يكونَ وجهه كالقمر في وضوحهِ التام،
والكلّ يسعى لأنفهِ أن يكون صغيرًا، كتحفةِ السام.
في عيادةِ “تجميل بلا نهاية”
هناك، حيث يُعيدون تشكيل الأوجه بلمسةِ مشرطٍ صغير،
ونعيدُ رسم أنفسنا كما نعيدُ تدويرَ الورق والحرير.
وإن سألتَ أحدهم عن السبب، قال لك بنبرةٍ عميقة:
“الجمال يا صديقي، لم يعُد في العين، بل في نصيحةٍ طبيةٍ دقيقة!”
أنفٌ جديدٌ، شفةٌ ممتلئة، وكل شيء بحساب
نتنقل بين العيادات كمن يغيّر ثوبه،
وكل عملية تأتينا بحكمةٍ جديدة ونصيحةٍ محببة.
نرسم الأعين الواسعة وكأنها نافذةُ الروح،
نختار الشفاه الممتلئة لأنها تثير “الحب” وتدفع النوح!
الجمال كما خلقه الله، لم يعُد في الموضة
أصبحنا نشبه العرائس في متاجر الأطفال،
ملامح متشابهة، كلنا على نسق واحد، كأننا في الموال!
لكن، هلا سألنا أنفسنا يومًا، أين نحن من هذا الجمال؟
أين ذهب الوجه البريء؟ وتلك الضحكة التي تشع بلا جدال؟
قبول الذات: ثورةٌ لا تحتاج لسكين
فلماذا لا نتقبل ملامحنا كما هي، بسيطةً، عفويةً، كاملة؟
لماذا نغفل عن حكمة الخالق، ونركض خلف صورة زائلة؟
فهذه التجاعيد، أليست خطوطًا تُرسم بها حكاياتٌ عتيقة؟
وذاك الشعر الرمادي، أليس سيفًا أبيضًا لحكمةٍ عريقة ..
“يا ليتنا ندرك أن الجمال أبسط من تلك الملامح المصفّاة،
وأننا بقبولنا لذواتنا، سنبقى أجمل كما نحن بلا زينةٍ أو تعديلات.”
ربيعة بوزناد
Discussion about this post