تمييز الشعر عن النثر المرتب.
في الأدب، يخلط البعض بين الشعر والنثر، معتقدين أن مجرد ترتيب الكلمات سطرًا بعد سطر يجعل من النص قصيدة شعرية. لكن هذا التصور يغفل عن جوهر الشعر كفن قائم على الإحساس والموسيقى الداخلية، وليس على التنسيق الظاهري وحده.
لقد تطور الشعر عبر العصور، وظهرت أنماط جديدة مثل الشعر الحر الذي لا يلتزم بصرامة بقواعد الأوزان القديمة. لكن حتى في هذا النوع الحر، يظل هناك روحٌ شعريةٌ وعمقٌ يميزانه، حيث يعتمد على إيقاعٍ خفيّ ولغة مكثفة قادرة على التأثير العاطفي. الشعر الحر، رغم تخليه عن بعض القواعد التقليدية، يظل مفعمًا بخصائص تجعله مختلفًا عن النثر.
أما النصوص النثرية التي يعتقد كُتّابها أن ترتيبها في أسطر يجعلها شعرًا، فهي تفتقر إلى تلك الروح الشعرية التي تميّز القصيدة عن المقالة أو الخاطرة. الترتيب السطري في حد ذاته لا يكفي ليحول النص إلى شعر؛ فالشعر يحتاج إلى عنصرٍ يُحرك المشاعر ويخلق نغمة داخلية تتجاوز مجرد الكلمات.
في النهاية، الشعر هو حالة وجدانية وجمالية، وليس مجرد تنسيق بصري. حين يُدرك الكاتب هذه الفكرة، يصبح أكثر وعيًا بماهية الشعر الحقيقية، ويستطيع التعبير عن مشاعره إما عبر شعرٍ ينبض بالإيقاع أو عبر نثرٍ حرّ يُحافظ على قوته الأدبية دون تزييف.
التزنيتي عبد اللطيف
Discussion about this post