حافلة الوقت
ركبت الحافلة
أخبرني السائق أن وجهتها إلى “الغد”
جلست بجانب امرأة ترتدي ساعة بلا عقارب
سألتها: “كم الساعة؟”
أجابت مبتسمة:
“الوقت هو ما نتركه خلفنا”
ثم مررنا بشارع مليء بالناس
لكنهم لم يتحركوا
كانوا مجرد تماثيل للانتظار
كلما ابتعدنا عن المحطة
زاد شكي:
هل نحن نقترب من الغد
أم نعيد دوران اليوم من جديد؟
2
آخر اتصال
_________
في كل ليلة
كنت أتحدث إلى السماء عبر هاتفي
“لدي أسئلة كثيرة” قلت
لكنها لم ترد
فقط إشارة ضعيفة
في اليوم التالي
أرسلت لها رسالة نصية:
“متى سأعرف الإجابة؟”
جاء الرد
لكنني لم أستطع قراءته
الهاتف نفدت بطاريته
والآن
أعيش حياتي مثل شحن مؤقت
أنتظر الردود
التي لا تصل أبدًا
3
عزف على أوتار الضياع
__________________
جلست أمام البيانو
أعزف لحنًا من الأحلام الضائعة
الأصوات تتسلل من المفاتيح
مثل همسات الذين فقدتهم
كلما ضغطت على نغمة
كانت صرخة تتردد بين جدران الفراغ
الأوتار لم تعزف موسيقى
بل سردت حكايات عن محاولات العيش
في عالم مكسور
وفي النهاية
لم يبق سوى صمت يشبه صوت النهاية
تذكير بأننا نعزف دائمًا
لحن الفقدان
4
حكاية المظلة السوداء
_________________
في كل صباح
أمسك مظلتي السوداء
أعلم أن الشمس تشرق
لكنني لا أجرؤ على إغلاقها
“لماذا؟” سألني أحدهم
ضحكت بخفة:
“هذه المظلة تحميني
ليس من المطر
بل من الأضواء الزائفة”
كلما مررت بين الناس
رأيتهم يرتدون نظارات شمسية
حتى في الظلام
وأنا
تحت مظلتي
أحتمي من الحقيقة الساطعة
التي تلسع العيون
5
المقعد الشاغر
___________
كنت أبحث عن مقعد في القطار
وجدت مقعدًا شاغرًا بجانب امرأة
لكنها لم تتحدث
جلسنا سويًا
لساعات طويلة
دون كلمة
وفي كل محطة
كانت تنزل دون أن تقول وداعًا
لكن المقعد بجانبي بقي شاغرًا
تساءلت:
هل كنت حقًا وحدي منذ البداية
أم أنني كنت أتحدث
مع فراغ لم أفهمه؟
6
خريطة الأمل المفقود
________________
قالت لي امرأة:
“في نهاية العالم، ستجدين كنز الأمل”
أعطتني خريطة
لكنها كانت مجرد ورقة بيضاء
“كيف سأجد الطريق؟” سألت
قالت: “الطريق مرسوم بداخلك”
ومنذ ذلك الحين
أبحث عن الكنز في كل زاوية
أعيد قراءة الورقة الفارغة
وأتساءل
هل كنت أبحث عن شيء
أو عن اللاشيء؟
7
المعطف الذي لم يكن دافئًا أبدًا
_______________________
اشتريت معطفًا شتويًا سميكًا
لكنه لم يمنحني الدفء
ارتديته كل يوم
ومع ذلك
كانت الرياح تخترقني كأنني عارية
سألت البائعة: “لماذا لا أشعر بالدفء؟”
أجابتني بابتسامة ساخرة:
“المعطف يحمي الجسد
لكن الروح؟
تحتاج إلى غطاء آخر”
عدت إلى البيت
وتركت المعطف معلّقًا
منتظرة اللحظة
التي سأجد فيها دفئًا داخليًا
يحميني من برد الحياة
.
بقلم الشاعرة
أفين حمو
Discussion about this post