بينما كنت أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي والنعاس يطبق على أجفاني ، اخترقت قلبي ذكرى وفات والدي رحمهما الله أمر مؤلم حقا وكيف كنت متعلقنا بهما تعلقا شديدا وكيف ماتا وهما يدعوان لي بالخير وكلهما رضا عني والحمد لله. و فجأتا سرق بصري مقطع عن معاناة قاطني دار العجزة فحمدت الله عز وجل إذ لم يجعني من الثمرات العاقة وبأني فزت بما خسر فيه هؤلاء رغم ألم الردى. وكم هي حالهم مزرية جدا، خاصتا من الناحية المعنوية. والأجساد الضعيفة التي تحتاج إلى أحضان صادقت والعيون التي تحكي ألمها في صمت ، ومهجت القلب التي تتدفق بشرايينهم رافعتا ضغط دمهم تحكي مرارة العناق العميق. تروي سنوات من المخاض العسيرة التي عاشوها من أجل ولوج أطفالهم بر الأمان وشد عضدهم . وتلك القوى الفاترة التي كانت في أوج عطائها وكبريائها وعزتها وتأمل بشيخوخة هادئة، في كنف عائلة دافئ. والأيادي التي ترتجف من فرط القساوة وتحكي تعب سنون كثيرات. والعقول العاجزة عن فهم الأحداث تتساءل بكل سذاجة لما أنا هنا ؟ ماذا حدث ؟ وماذا فعلت ؟ وتختلق الأعذار لأبنائها العاقين في ذهول كبير .
والبعض ربما لا يسامح ويحتسب الله ، فكيف يتحمل أبناؤهم مغبة فعلهم. ما لفت انتباهي بشكل مذهل وانهارت العبرات من مقلتي وخانتي العبارات.
كانت أم تبكي كطفلة فقدت ذويها أسميتها (الأم اليتيمة).
كانت تبكي أيامها وصباها وجمالها وروحها الجميلة تبكي شبابها الذي نذرته من في سبيل أشباه الأبناء التي تمخضت رحمها من أجلهم ، وأرضعتهم من لبانها صغارا وفطمتهم بعز وفخر وتغيرت ملامحها الجذابة في سبيل رعايتهم. ربما لو أدركت هذا مبكرا لفضلت البقاء عذراء جميلتا متفائلتا ، فهو أرحم على قلبها الحنون من أهوال فلذات أكبادها. وتجد أبا ربما كان عزيزا مهابا ذو كبرياء وسيطه قد أذله أولاده الذين استمدوا منه كبريائه العزة العنفوان والأنفة، للمضي قدما في الحياة دون عائق . دار العجزة تسمية تليق بالعاجزين على أن يكونوا بشرا وعاجزين عن الرحمة ، ليس لمن قاتل جل ظروف الحياة والزمن من أجل هذه الثمار الفاسدة.
بقلم زايدي حياة
Discussion about this post