(التمثال والبحر)
“سعد زغلول” لم يزل واقفا يواجه البحر
لم يزل متقدا بالغضب
متوعِّدا كلَّ من تُسوّل له نفسُه…
ياه على الأثر المعجون بالسخرية
الذي تتركُهُ مثلُ هذه العبارات
اللعنةُ الرفيقة
على كلّ من لا يستوعبون لعنةَ المَجاز.
لم يزل سعد واقفًا وقفتَهُ المشدودة
وقبضتاه ضخمتان
كأنْ تجمّع فيهما توترُ النفوس
وارتجافُها
في كل مرةٍ يذهب فيها لمنفى
وفي كل مرة يعود.
لابد أن السنوات التي شارفت على المائة
من وقفةِ التمثال هكذا
قد حرّكت فيه شيئا
شخصيا؛ لا أشك أنه يفكّر طوال الوقت
في شكل مصر -بعد كل ما فعل-
وبحال المصريين في عهودٍ تلت
لا ريب أن مشاعره
تغلبُه في كثير من الأحيان
فيتمنى لو يعود سعدا –الإنسان-
ليرى مصر التي؛ كم ظلّ يحلم بها
ولو ليلقي عليها نظرة سريعة
أظنّ من الرحمة بكلّ تمثال
أن نمنحه هنيهةَ نظرةٍ سريعة
كلّ عدة عقود
فليفكّر صانعو التماثيل جيدا في اقتراحي هذا.
لكنّ المشكلة أن سعدا
لا يعلم شيئا عن كل ماجرى
لا عن ذهاب الملك
ولا عن الحركة المباركة,
ولا عن الفواتير التي سدّدتها الشعوبُ
نيابةً عن حاكميها
هو على الأرجح يتوقع أن يرى مصر أخرى
موجودةً في رأسه فقط
أما مصرُ التي سيراها لو منحناه الهُنيهةَ
فستمنعُ عنه الأحلامَ إلى قيام الساعة
-ساعة التمثال أو الساعة الحقيقية-
لذا
فإن علينا اختيار الرفق
على الأقل؛
تجاه رجل كانت تحبُّه الجماهير
عوضا عن الرفق
بالجماهير ذاتها.
(عماد غزالي)
Emad Ghazali
Discussion about this post