بقلم د. عبد العزيز يوسف آغا.
ولدت ضيفة خاتون في بلاد الشام داخل قلعة حلب عام 1185م، وتقول الأسطورة أنها حين ولدت كان في زيارة أهلها ضيوف لذلك أسماها والدها “ضيفة”، أما كلمة خاتون فتعنى السيدة العفيفة.
وتربت ضيفة على الأخلاق والهدوء وأصول الدين، فتمتعت برجاحة العقل والحكمة والقوة والحزم في قراراتها، وهذا ليس بغريب فوالدها الملك سيف العادل هو شقيق صلاح الدين الأيوبي مؤسس الدولة الأيوبية، الذى زوجها ابنه الملك الظاهر غازى بن صلاح الدين الأيوبي، وأنجبت ولدًا أسمته “العزيز محمد” الذى تزوج وأنجب “الناصر يوسف” ، فهى ملكة ابنة ملك وزوجة ملك وابنها ملك وحفيدها ملك .
كان للملكة ضيفة خاتون ستة أشقاء ملوك حكموا مصر وبلاد الشام، وقد ورث زوجها الظاهر غازى حكم حلب بعد وفاة والده صلاح الدين الأيوبي؛ فعاشت عمرها كله في حلب ، فقد كانت أبنة وزوجة وجدة وحاكمة.
توفى زوجها في عام 1216 م، وبعدها إنتقل الحكم إلى ابنه العزيز محمد غياث الدين ابن الظاهر غازى ابن الفاتح صلاح الدين الأيوبي، ولكنه لم يدم في الحكم إلا أياماً معدودة ، ثم توفي ليرث ابنه الصغير الناصر يوسف الحكم من أبيه؛ ولكنه كان في سن صغيرة لم تتجاوز الـ 7 سنوات؛ فتسلمت جدته ضيفة خاتون مقاليد الحكم بالوصاية وكانت صاحبة الـ52 عامًا.
يقول عنها المؤرخون والأدباء: “في داخل جينات ضيفة خاتون تعيش القوة الجبلية وهيبة الترحال وسطوة الغزو وحب السلطة و يتجلى الزهد والإيمان القوي المطلق في قسماتها ، وفي عقلها تتجلى قوة الإبداع والهندسة وقدرة التصميم والرغبة في الإتقان”.
كما تميزت الملكة ضيفة خاتون بالعدل أثناء فترة حكمها، لم يأتِ إليها مظلوم إلا ونصفته، لها بصماتها الواضحة في المجالات الاجتماعية والمعمارية والهندسة خفضت الضرائب على المواطنين ومدت الطرق، واهتمت بالعلوم والأدب وحققت نهضة ثقافية، فأنشأت مدرسة الفردوس أقدم مدرسة في حلب منذ عام 1235م، وجمعت فيها الفقهاء والقراء وجعلت لها وقفًا خاص بها، وفى عهدها ازدهر الاقتصاد فكانت تؤثر على الفقراء وتزيد من الصدقات، فلقبها الجميع بالملكة الرحيمة عصمة الدنيا والدين.
كمثيلاتها من الملكات قابلت العديد من الخلافات الداخلية على الحكم بين أفراد الأسرة الأيوبية ولكن سرعات ما كانت تخمد تلك الخلافات لتعود شرارتها وتخمدها “خاتون” مرة ثانية إلى حين استلام حفيدها العرش، كما أنها لها معارك انتصرت فيها ضد المغول والسلاجقة والصليبين ومملكة خوارزمشاهیان.
وفى ليلة الحادى عشر من جمادى الأول عام 640 هجريًا، تركت الضيفة خاتون دنياها وكانت في سن الـ58 عامًا، بعد معاناة مع الحمى والقرحة فى جدار البطن، ودفنت في قلعة حلب بجوار زوجها وقد حزن عليها الجميع وأغلقت أبواب مدينة حلب حداد عليها ثلاثة أيام .
على طريق النور نسير،،،،
وعلى المحبة نلتقي،،،،،
Discussion about this post