« طالب عبد الجبار » سيرة حياة مناضل بطل …

طالب عبد الجبار (ابو سعيد)

مدينة الموصل محلة المكاوي

سيرة حياة مناضل بطل

الكاتب 

أنيس ميرو- زاخو

محلة (المكاوي )من الاحياء القديمة جدا في مدينة (الموصل )وتكون قريبة من جامع (النوري )او ما يطلق عليها جامع (الحدباء )الاثري احد معالم( الموصل )الاثرية الجميلة بهيئتها وميلان منارتها بشكل ملفت للنظر و التي فسرت ميلانها كل حسب راويها (المكاوي) منطقة سكنية تمتاز بطرقها المميزة بالضيق اي طراز ايام زمان من الماضي السحيق كان المناضل المقدام (ابو سعيد )البطل الاسطوري بشجاعته اللامتناهية وحبه للوطن و العراق و العراقيين جميعا كلف هذا البطل (بقيادة )النشاط الحزبي بعد انقلاب (1963)الدموي المرعب وما نتج عنه من قتل بالجملة لمن يختلف عنهم بالفكر و التوجه كان (ابو سعيد) رجلا يتجاوز عمره 35 سنة حسب تصوري وكان طويل القامة وملامحه تميل للسمار وكان محبوبا لدى كل من يلتقي به بسبب حديثه العذب وابتسامته الجميلة التي كانت لا تفارقه و كان ابي (محمد )يتولى تامين مكان خزن (الطابعة )العادية في وقتها وجهاز (الرونيو )للاستنساخ و اللوازم التي كانت موجودة من ورق و استينسلات شمعية لكتابة البيانات الحزبية والتعليمات و المنشورات المتعددة (محمد )كان يتولى الطبع كله و الاستنساخ وكان في اوقات معينة تتلف كميات كبيرة من الورق نتيجة خلل معين في كمية نسبة الحبر او الاكتفاء من (المنشور) لسبب معين فكانت امي (عزيزة )تتولى بحرق هذه الكميات التالفة مع مواد اخرى في اعداد خبز التنور او في حالات الشعور بالمداهمات كانت تحرق اية كمية توجد في البيت بواسطة التنور وكان بيتنا دوما معدا لإقامة احد الرفاق او اكثر من المتخفين عن الاجهزة الامنية او من كوادر الحزب ممن يتم تكليفهم بتمشيه شؤون الحزب في (الموصل )حيث تردد لدارنا عددا من الاسماء الكبيرة في قيادة الحزب من اللجنة( المركزية و المكتب السياسي )في وقتها

وبسبب المداهمات المستمرة كنا نتولى بنقل هذه الاجهزة من منطقة لأخرى حسب برنامج معين لتلافي وقوعها بيد هذه الاجهزة الرهيبة وتعاملها اللا اخلاقي مع من يختلف بالفكر معهم اعدام و قتل بأعصاب باردة و انتهاك للحرمات و اساليب يندى لها الجبين الانساني بوحشيتها وتعمد تعاملهم الشرس مع من يقبض عليهم (ابو سعيد )كان مبدعا بالتنكر بأزياء شعبية متنوعة لما يلبسه اهالي (الموصل )من ملابس متنوعة رجالية لكي يتحاشا الاعتقال من قبل اجهزة السلطة من (حرس قومي و الامن المرعب.)…..!!!

 حينما كان يزورنا( ابو سعيد) كانت روحيته البريئة و الكريمة تسبقه فكان دوما يحمل معه كميه من الفاكهة حسب الموسم اي نوع الفاكهة في وقتها. كان لي شقيق صغير بحدود ثلاثة سنوات اسمه (ايسر ) كان يخاف جدا من ثمرة جوز الهند قبل ازالة قشرتها فكان يتعمد باظهارها له و كان (ايسر )يبكي و يحمله بحنان و كان يجلب له انواع من الحلويات التي تشتهر بها (الموصل )في شارع (النجيفي )ملبس و حلقوم و من السماء و كعك و الخ في كل زيارة كان يجلب شيء معين أنا (اسامة )كان عمري بحدود 10 سنوات في وقتها….. و طلب (ابو سعيد) من (والدتي )أن تحضر له شورت داخلي لي و استغربت (والدتي )من طلبه فضحك (ابو سعيد.)……؟

بعد ان جلبت (والدتي )للشورت الداخلي العائد لي طلب منها ان تخيط (جيب )في الجهة الداخلية منه لوضع البريد الحزبي فيه و نقل البريد من (الموصل )الى مدينة (دهوك )و في (دهوك )كان المناضل المغوار (ابو نصير) (لازار) يقيم في دور عديدة منها اي يتنقل من دار لأخرى تجنبا للاعتقال او تشخيصه من قبل اجهزه الامن و الشرطة في وقتها كنت بهذه البيوت عليما و مواقعها في المدينة و المدينة كانت احيائها السكنية محدوده….!!

فكنت ارافق عمي( جميل )لكونه كان يمتلك سيارة اجرة يعمل على خط (الموصل عمادية )فكان يوصلني لمدينة ( دهوك )و حين عودته( للموصل )كان يعلم اين اكون في بيت عمي (مصطفى )فكان يوصلني (للموصل )و هكذا استمرت المهام و نقل البريد و تجاوز السيطرات لكوني كنت طفلا و لا اثير للشبهات….؟؟

و استمرت الايام النضالية بمرارتها و عدوانيه اجهزه حزب السلطة و اساليبه الدنيئة بحق من يختلف معهم و في يوم ما حدث زلزال تنظيمي و صدرت اوامر بالتخلص و نقل المواد الخطيرة و الاجهزة الخاصة بالطبع لمناطق اكثر امنا و سلامتا…؟؟

 حدث ما لا على الحسبان اختراق تنظيمي وشاية لمقر اقامة البطل( ابو سعيد) توجهت قوة كبيرة من مختلف الأجهزة الامنية و الحزبية لتطويق المنطقة و البدء بالتفتيش بيتا. بيتا و لشعور( ابو سعيد )لو تم اعتقال السيدة( خيال) التي كانت زوجة احد المناضلين القدماء و لوجود الارشيف الحزبي و امور تخص الحزب في (بيتها )حاول بجهد خارق ان يهرب هذه المناضلة الباسلة مع الامور المهمة و المواد الخاصة بالحزب بطريقة ذكيه حيث كان هو المستهدف لاعتقاله فافتعل امور عديدة لكي يلفت نظر هذه القوة المداهمة لشخصة و ليترك الفرصة لهذه (المناضلة )بالإفلات من الطوق فعلا نجح بهذه الحيلة العجيبة و تخلصت هذه المناضلة ( خيال) من الاعتقال تم نقلها لمكان امين في مدينة ( الموصل)ثم هربت الى مدينة (زاخو )ولكن مع الاسف الشديد لكثرة تواجد القوة التي اقتحمت منطقة (المكاوي )و محدودية فرصة الافلات تم اعتقاله بعد كر و فر من منزل لأخر,

اخيرا تم اعتقال. البطل (ابو سعيد) و كان لاعتقاله اثرا مدمرا على نشاط الحزب و جهده التنظيمي في مدينة( الموصل) و بعد ايام من اعتقاله تم (اعدامه) من قبل اجهزه( البعث ) و انتهت ملحمة حيات مناضل مغوار في سبيل وطن حر و شعب سعيد الف الف رحمة على روحه الطاهرة و شدات ورد على روح ( الشهيد ابو سعيد )بطل مدينة( الموصل.)….؟

الصبر و السلوان لعائلته و عشيرته و اصدقائه و لغاية هذه الكتابة لم اسمع كلمه اطراء بحقه من جهة ما غيري…..أهكذا يحتفى بالأبطال و المضحين……؟؟؟