بقلم د. عبد العزيز يوسف آغا.
يعتبر كثير من الهندوس أن الآغوري ما هم إلا طائفة من المرتدين، الذين تتناقض ممارساتهم مع الهندوسية الأرثوذكسية.
مع ذلك يعبد الآغوريون كسائر الهندوس الإله شيفا (واحد من الآلهة العظام في الديانة الهندوسية)، والإلهة كالي (واحدة من الإلهات الهندوسيات).
تشبه هذه الطائفة إلى حدٍّ كبير طوائف دينية أخرى ظهرت في العصور الوسطى، إلا أنه لا توجد صلة تاريخية بينهم، ويعتبر “بابا كينارام” الذي قيل إنه عاش 150 عاماً ومات خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر المؤسس الأول لهذه الطائفة.
وتقول الحكاية إن “اللورد داتاتريا”، وهو تجسيد لثلاثة من الآلهة الهندوس، أحدهم شيفا، قد تجلى لبابا كينارام على قمة جبل جيرنار، في ولاية غوجارات الهندية، ولقّنه التعاليم التي اتّبعها الآغوريون منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا.
وينتشر أتباع هذه الطائفة في مناطق متفرقة من الهند ونيبال وجنوب شرق آسيا، لكن مركز الحج لديهم ومقرهم الروحي يقع في معبد كينا رام، في مدينة فاراناسي على ضفاف نهر الغانج.
وبشكل عام فإن كل مكان مخصص لحرق الجثث يعتبر مكاناً مقدساً لدى الآغوريين.
لعل الممارسات شديدة التطرف هي ما يميز طائفة الآغوري عن غيرهم من الطوائف الهندوسية.
إذ يعمد الآغوريون إلى ممارسة العديد من الطقوس المثيرة للاشمئزاز، فهم يأكلون لحوم البشر حول النار المشتعلة عندما يكتمل القمر، إلا أنهم لا يقومون بقتل أو أذية أحد أو تقديم القرابين البشرية لآلهتهم، إنما يأخذون الجثث التي ترميها الأسر الفقيرة في نهر الغانج، إذ إنهم لا يملكون ما يكفي من المال لحرق موتاهم.
وتناوُل لحوم البشر ليس الفعل المتطرف الوحيد الذي يمارسونه بحق الجثث، فهم أيضاً يقومون بحرق الموتى، ثم يدهنون أنفسهم برماد الجثث، كنوع من أنواع التقرب للإله.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يقومون في كثير من الأحيان بتناول غائطهم، كواحد من الطقوس الدينية أيضاً.
فيما يجد كثيرون أن ممارسات الآغوري مثيرة للاشمئزاز، يمتلك أتباع هذا المعتقد أسباباً دينية تجعلهم يلجأون إلى تلك الطقوس الغريبة.
إذ يعتقد الآغوريون أن روح الإله شيفا موجودة داخل كل إنسان، لكنها مغطاة بثمانية حواجز، بما فيها اللذة الحسية والغضب والجشع والهوس والخوف والكراهية، وتهدف ممارسات الآغوريين بشكل أساسي إلى السعي لإزالة هذه الحواجز كي يصل كل منهم إلى شيفا الموجود في داخله.
فعلى سبيل المثال، يحرق الآغوريون الجثث، ويدهنون أنفسهم برمادها، في محاولة لتدمير حاجز الخوف، ويبقون عراة خلال طقوسهم الدينية، في محاولة لتدمير الشعور بالعار، ويقومون بممارسات جنسية حول النار المشتعلة، لكسر الحواجز بين ما يعتبر مقدساً ودنساً.
والهدف الأساسي من ارتكاب المحرمات الاجتماعية هو محاولة إدراك هوية ذواتهم، فجميع العادات والتقاليد المهذبة ما هي إلا أوهام من وجهة نظرهم، صُممت لمنع وصول الإنسان إلى وعي متكامل لذاته.
وجه آخر للآغوريين
“أكل لحوم البشر” هو الوصمة الأبرز التي توصم بها هذه المجموعة الدينية، فالكثيرون لا يعرفون عن الآغوريين سوى أنهم مجموعة متطرفة تتناول جثث الموتى.
لكن المصورة التشيلية تمارا ميرينو قالت لـThe Washington Post إن هذه الطائفة الهندوسية الصغيرة لديها مبادئ إيمانية أعمق من تلك الممارسات التي بنت سمعتها السيئة، وأضافت “إنهم أناس لديهم الكثير من الحب والاحترام للناس والحيوانات والطبيعة… ودينهم جميل مثل أي دين آخر”.
وتنبع العديد من تقاليد الآغوري من الاعتقاد بأن كل شيء جميل وخلق الآلهة.
لذا فهم ينتقدون التمييز الاجتماعي وبقايا النظام الطبقي، الذي فصل الهنود تاريخياً إلى طبقات اجتماعية مختلفة.
معتقدات هذه الطائفة
يرفض الآغوريون بفخر جميع المظاهر التي قد تعكس انتماء البشر لطبقات اجتماعية أو مجموعات طائفية مختلفة، وينبذون حياة الترف والطبقات البرجوازية وحتى المتوسطة من المجتمع.
ويعتقد الآغوريون أنهم تجسيد للحالة البدائية التي يُولد عليها كل إنسان، ومن وجهة نظرهم فإن جميع البشر يولدون آغوريين بالفطرة، ولكن مع تقدمهم في السن وارتباطهم بالمظاهر المجتمعية والثقافية يبتعدون عن فطرتهم، ويعزّزون بناء الحواجز التي تفصل ما بينهم وبين الإله شيفا الموجود داخلهم.
ويحظى العديد من المعلّمين الأغوريين بتقدير كبير من سكان الريف، حيث يعتقد أنهم يمتلكون قوى الشفاء التي يكتسبونها من خلال طقوسهم وممارساتهم الغريبة، إذ يستطيع الآغوري الوصول بجسده وعقله إلى حالة متفوقة عبر تلك الطقوس.
على طريق النور نسير،،،،
وعلى المحبة نلتقي،،،،
Discussion about this post