” اليد الخطأ … ”
نسير كما تسير العصافير في سماء لا نهائية، نبحث عن مأوى تحت أوراق الشجر، نخطو بثقة نحو وجهات نعتقد أننا نعرفها. نمسك بأيدٍ تُمد إلينا كما يُمسك العصفور بالغصن الرفيع، نضع ثقتنا في الطرق التي نظن أنها ستقودنا إلى الأمان. لكن، ما مدى يقيننا؟ هل ندرك حقًا أين تقودنا هذه الأيدي، أو إلى أين تتجه الرياح التي تحرك أوراقنا؟
في لحظة من التأمل الصامت، يتبدى لنا سؤال يعصف بأعماقنا: هل نمسك دائمًا باليد الصحيحة؟ أم أننا قد نمسك أحيانًا باليد الخطأ، مقتنعين بأنها الطريق الوحيد إلى الحقيقة؟ نحن، في سعينا المحموم خلف ما نعتقد أنه صواب، قد نغفل عن تلك اللحظات الصغيرة، التي تشبه تغريد العصافير، تحمل في طياتها إشارات خفية، تخبرنا أن طريقنا قد يكون مضللًا.
الحياة ليست سوى سلسلة من الخيارات، كما هي سلسلة من الأوراق التي تتساقط مع هبوب الرياح. كل خيار نتخذه هو بمثابة مد يدنا نحو مستقبل مجهول، كما يمتد غصن الشجرة تحت وزن العصفور الذي لا يعرف إلى أين تطير به الأقدار. تلك الأيدي التي نختارها قد تأخذنا إلى حيث السعادة والسكينة، أو قد تقودنا إلى متاهة من الشك والضياع. كيف نميز بينها؟ وكيف نعرف متى نخطئ؟
ربما في جوهرها، الحياة ليست عن الإمساك باليد الصحيحة بقدر ما هي عن التجربة والمحاولة، عن التعلم من الخطأ والاستمرار في البحث عن الصواب. قد نجد أنفسنا نعود لنفس النقطة، كما تعود الأوراق إلى الأرض بعد أن تحملها الرياح بعيدًا، نكتشف أننا أمسكنا باليد الخطأ مرات عدة، ولكن في كل مرة نكتسب شيئًا جديدًا، ننضج، ونقترب أكثر من الحكمة.
إن إدراك الإنسان لضعفه وتقبله لفكرة الخطأ هو ما يجعله قادرًا على النمو. فربما لم يكن الهدف يومًا الوصول إلى الصواب المطلق، بل كان في خوض الرحلة بكل ما فيها من تحديات، واكتشاف أنفسنا في كل منعطف.
وفي النهاية، ندرك أن الله يمد لنا العون، كما تظل الشجرة أوراقها حتى تشتد الرياح، ويحيطنا برحمته وهداه في كل خطوة نخطوها. فالله وحده القادر على توجيهنا نحو الصواب، وإن أخطأنا في الاختيار، فهو الغفور الرحيم الذي يرشدنا إلى الطريق المستقيم….
بًقُلَمً آلَشُآعٌرةّ ربًيَعٌةّ بوٌزٍنِآدٍ
Discussion about this post