بقلم د. عبد العزيز يوسف اغا
كان لديك الجن جارية تُدعى ورد، فلمّا أحبّها، دعاها للإسلام ليتزوجها، فوافقت وتزوجا، ولما ضاق حاله رحل إلى مدينة السلمية وقصد أحمد بن علي الهاشمي ومكث عنده لفترة طويلة، وانتشرت في هذه الأثناء إشاعة تقول إنّ ورد على علاقة بغلام تهواه، وكان ابن عم ديك الجن هو من نشر هذه الإشاعة انتقامًا من ديك الجن بعد أن هجاه في قصائده.
عندما رجع ديك الجن سمع بالشائعات، وعاد لزوجته وسألها عن الأمر فأنكرت علمها بأي شيء.
فقام ابن عم ديك الجن بتحريض أحد الغلمان للذهاب الى بيت ابن عمه ومناداة ورد باسمها .
وعندما سمعه ديك الجن ينطق اسمها نعت ورد بأبشع الصفات، وأخرج سيفه وضربها به حتى قتلها.
وخرج ديك الجن هارباً إلى أن طلبه أمير دمشق ليحاسب على جنايته وليخبره بحقيقة الأمر كاملًا ، فندم ندمًا شديدًا وظل يبكي شهرًا، ولا يأكل من الطعام إلا ما يبقيه حيًا .
على هذا اشتهر ديك الجن بالغيرة المذمومة التي أدّت لقتله محبوبته بسبب سوء ظنه، ويُقال إنّ ديك الجن جلس عند رأس ورد يبكيها بعد قتلها وأنشد هذه الأبيات الشهيرة:
يا طلعة طلَع الحِمَام عليها
وجنى لها ثمرَ الردى بيديها
أجريتُ سيفي في مجال خناقها
ومدامعي تجري على خدّيها
روّيتُ من دمها الثرى ولطالما
روّى الهوى شفتي من شفتيها
فوَحقّ نعليها وما وطئ الحصى
شيء أعزّ علي من نعليْها
ما كان قتليها لأني لم أكنْ
أخشى إذا هبّ الهواء عليها
لكنْ ضننتُ على العيون بحسنها
وأنفتُ من نظر الحسود إليها.
وإذا صحت أحاديث بعض الرواة عن أن ديك الجن قد عمد إلى إحراق جثة زوجته بعد قتلها، ثم صنع من رمادها كأساً لاحتساء خمرة الندم المر، فإن تلك الفعلة الغريبة هي محاولة رمزية أخرى للحيلولة دون تسليم الجسد المعشوق إلى عهدة التلاشي النهائي، وللاحتفاظ بما تبقّى منه في عهدة العاشق.
أما بساتين الميماس المجاورة للمدينة، المخترقة بالنصل الفضي الآسر لمياه العاصي، التي رعت بحنوّ بالغ غرام الحبيبين المشبوب، فهي رعت بالحنو نفسه الدم المتسرب من جسد الجمال الذبيح، بحيث بدت المسافة بين جنة الحب وجحيمه أوهن من أن تُتلمّس بالأنامل أو تُرى بالعين المجردة».
على طريق النور نسير.،،،
وعلى المحبة نلتقي،،،،
Discussion about this post