في لحظة هدوءٍ نادرة، حيث كانت الشمس تميل ببطء نحو المغيب، وجدت نفسي غارقةً في تأملٍ عميق. نظرت إلى الأفق المتلون بألوان الذهب، وشعرت كأن الزمان قد توقف، وأنني أمام لوحة ربانية تفوق كل جمال. كان الهواء يحمل نسماتٍ رقيقةً، تختلط مع عبير الزهور المتفتحة من حولي، وكأن الطبيعة تتناغم في سيمفونية إلهية تدعوني للتفكر والتأمل.
بينما كانت نظراتي تلتقط مشهد شجرة الرمان المثقلة بثمارها الحمراء، تذكرت قول الله تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}. أدركت حينها أن الفرار إلى الله هو السبيل الوحيد للنجاة من زيف الدنيا وشهواتها.
أختي الكريمة، كما تحمي شجرة الرمان ثمارها بأوراقها، احمي قلبك من الانجراف وراء زخارف الدنيا. لا تجعلي الفتن تسرق منكِ لحظات الصفاء والتأمل في خلق الله. الدنيا، بما فيها من زهورٍ جميلة وأشجارٍ باسقة، ما هي إلا تذكرة لنا بقدرة الله وعظمته. هي تذكرة بأن ما نراه من جمال زائل، يجب أن يقودنا إلى البحث عن الجمال الدائم في قرب الله.
إن من تأخرت في الفرار إلى الله، وغرقت في حب الدنيا، إنما تطارد سرابًا، تلهث وراء أشياءٍ لا تزيدها إلا عطشًا. فلا تدعي الأموال، ولا المناصب، ولا حتى العلاقات تعيقكِ عن التوجه إلى الله. كما تتفتح الزهور بعد سبات الشتاء، افتحي قلبكِ بنور الإيمان، وازرعي فيه حب الله كما تزرع الأشجار جذورها في الأرض لتبقى ثابتة أمام الرياح.
تذكري دائمًا، أن الفرار إلى الله هو النجاة الحقيقية، هو العودة إلى حضن الرحيم، الذي لا يغلق بابه أبدًا. اجعلي من حياتكِ بستانًا مزهرًا بأعمال الخير، وأثمري فيها حب الله وحب الخير للآخرين. فلا خير في حياةٍ تشغلكِ عن خالقكِ، ولا سعادة في قلبٍ ابتعد عن ذكره .
عودي إلى الله كما تعود الطيور إلى أعشاشها مع نهاية اليوم، وابحثي عن السكينة في ظلال رحمته. واعلمي أن الدنيا، بكل ما فيها من مغريات، لا تساوي لحظة قربٍ من الله.
ربيعة بوزناد من المغرب
Discussion about this post