د. عبد العزيز يوسف آغا.
////////////////////////////////////
ترجع تسمية طائفة الحشاشين إلى أكثر من رواية، على الرغم من عدم وجود أي دليل على تعاطيهم مخدر الحشيش، منها أن كلمة “حشاشين” ما هي إلا تحويرٌ لكلمة “حساسان،” نسبة إلى شيخهم حسن الصباح، أو تحوير لكلمة “عساسون” اشتقاقاً من كلمة “عسس،” أي الحراس الذين يحمون القلاع طوال الليل، أو من كلمة “Assassins” بمعنى القتلة، باللغة الفرنسية.
أما التفسير الأخير، فقد استحقوه بجدارة، إذ اتبع الحشاشون بقيادة حسن الصباح استراتيجيةً عسكرية مختلفة تماماً عما عُرف في ذلك الزمان، فقد تجنب تماماً في صراعاته وحروبه المواجهات المباشرة والحروب الميدانية تفادياً لسقوط آلاف القتلى، واتبع بدلاً من ذلك طريقة الاغتيال للشخصيات والقيادات الهامة والبارزة في جيوش أعدائه من وزراء وملوك ورجال دين، وذلك عن طريق فدائيين مُدربين احترافياً على فنون التنكر والجاسوسية والفروسية وطرق القتل والاغتيال ، والأهم من ذلك استعدادهم للموت في سبيل تحقيق الأهداف المطلوبة منهم.
وكان نادراً ما ينجو أحدٌ من الفدائيين من الموت بعد تنفيذ مهمته، بل لجأ كثيرٌ منهم إلى الانتحار لتفادي الوقوع في ايدي الأعداء. وكان هؤلاء الفدائيين يندمجون في صفوف جيوش الخصوم أو البلاط الملكي حتى اللحظة المواتية لتنفيذ عملياتهم، وهي الاستراتيجية التي أدخلت الرُعب في قلوب خصوم الحشاشين وجعلت منهم طائفة اسطورية على مر الزمان.
وبالرغم من اعتبار الكثير من المؤرخين انتهاء طائفة الحشاشين في بلاد فارس على يد الغزو المغولي في القرن الثالث عشر، إلا أن هالة الغموض المحيطة بهم ألهمت العديد من “أساطير الحشاشين” التي تطورت على مراحل وتميل إلى تنميقهم بشكلٍ جديد في كل مرحلة. فعلى سبيل المثال، قصة “أسطورة الفردوس” للرحالة الإيطالي ماركو بولو التي وصف فيها “حديقة سرية في الجنة،” تحتوي على جميع الملّذات المادية ليتم إيهام الفدائيين أنهم في الجنة وسيعودون إليها، كجزءٍ من تدريبهم.
وعلى مر القرون التالية، ظهر الحشاشون في مناطق أخرى حول العالم على الرغم من أن أتباعهم أصبحوا معروفين باسم النزاريين، الذين يشكلون غالبية المسلمين الإسماعيليين. واليوم، تمتلك الطائفة مجموعة من المؤسسات والهيئات الربحية وغير الربحية يصل عددها لأكثر من 140 هيئة تمتد إلى أكثر من 30 بلداً ، ويشتغل فيها قرابة 58 ألف عامل وحوالي 20 الف متطوع حول العالم.
وتكاد الطائفة النزارية تتطابق مع الجمهور العريض من الطائفة الإسماعيلية وكثير من التفاصيل بباقي الطوائف والمذاهب الشيعية، فهم يؤمنون بأركان سبعة للإيمان، هي الصلاة والصيام والزكاة والحج والطهارة والجهاد والشهادة، كما يؤمنون بأن هناك تفسير باطني للقرآن الكريم، يليه في القداسة كتاب آخر للتعاليم الدينية يُسمى “كتاب الجنان.”
إلا أنهم يختلفون عن الطوائف الشيعية الأخرى في عدم الإيمان بوجود إمامٍ غائب الذي سيعود باعتباره المهدي المنتظر في آخر الزمان. ووفقاً للتقاليد النزارية، فلا بد من أن هناك إمامٌ حاضر يعيش حتى نهاية الزمان، وأن علي بن أبي طالب ونسله هم الورثة الشرعيون فقط للنبي محمد.
وعلى الرغم من الانقسامات بين الشيعة، إلا أن الطائفة النزارية نجت منها. واليوم، الإمام التاسع والأربعون هو شاه كريم الحسيني أو آغا خان الرابع، الذي تولى الإمامة في عام 1957. ومثل سلفه، فإن الآغا خان الحالي، الذي يعيش في فرنسا، معروفٌ بأعماله الخيرية من خلال شبكة الآغا خان للتنمية.
على طريق النور نسير،،،،
وعلى المحبة نلتقي،،،،
Discussion about this post