رواية « ليل شكسبيري » …

قراءة الناقد التونسي

الاستاذ … محمود البقلوطي Mahmoud Baklouti

ل رواية ليل شكسبيري للروائية السورية …

  هدى إبراهيم امون

  الروائية القاصة والشاعرة السورية هدى إبراهيم أمون 

لم أجد بداية أحسن من كلماتها في نصيها الشعريين الرائعين لتقديمها:

يا قارئي 

أنت من يروي حروفي 

باهتمامك

أرضي قحط ويباب

حين يهملني يمينك

وأنا منذ الأمد أمتد 

نسغاً في تفاصيل

الحياة 

هاتها سقياك أنعشنا 

معاً إن إهمالي

ممات

هدى إبراهيم أمون

______===______

إجابة هدى إبراهيم أمون:

من أنت؟ 

*أجنحة مكبّلة خلف السفر

من أين أتيت؟ 

*من بلاد تؤمن بالغيب والقدر

أين تقيم؟ 

*في منفى الضجر

كم عمرك؟

*عمر الحكايا في ضميري المستتر

رياضتك المفضلة؟ 

*السير مهما أعياني السفر

ما هو عملك؟ 

*تدوير أحزان البشر

 متى تنام؟  

*حين يزول الشعور بالخطر

ماذا تقول للراحلين؟ 

*لا مفرَّ من القدر

ماذا فعلتِ حين أغلق أحدهم في وجهك الباب؟

* قلتُ “الحمدلله الرزق ليس من البشر”

لماذا رحلوا سريعاً؟ 

*استسلموا لليأس من هول الكدر

طريقك المفضل؟ 

*طريق الودّ صافي العِبر

من أنتِ بعد انقضاء السنين؟

*أنا ما حاكه مدادي للحياة من الصور

هدى إبراهيم أمون

ليل شكسبيري: رواية حديثة المنحى أخذت شكلا هندسياً فريداً إذ قسمت إلى سبع فصول متتالية حملت الفصول الست الأولى خمسة ترنيمات ورقية والفصل الأخير سبع ترنيمات كلها متفاوتة الطول متعددة في معانيها ومدلولاتها ركزت على حب الآخر وعلى نبل الصداقة والعطاء وعلى نبذ الحرب والتفوق إلى السلام، كلماتها رقراقة شفيفة مطرزة بخيوط الحبكة والبلاغة السردية. حددت الرواية من البداية جزءًا للتعريف العميق بشخوصها من الداخل.. راني، كريم، أنس… و سيلا، ياسمين، زينب

 ونلاحظ أنّ الشخصية المحورية راني التي تتسم بالغموض وبانفصام وتعيش تخيّلات مشاهدته المستمرة لطيف أمّه المفقودة سهى عازفة الكمان وهذا نستشفه في أغلب الفصول السبعة ومن البداية.. فجلسات نيرمين أم أنس التي لجأت لها الروائية لتحدثنا عن طفولة راني وعائلته فاستحضرت شخوصاً تعتبر فرعية رغم تفاوت دورها وأهميتها في الرواية.. الأب الوهمي” سالم “الأب الحقيقي “عادل” .. العمة “رويدة”.. “راضي” صديق الأب وابنته “صبا”.. “نيرمين” عازفة البيانو أم “أنس” شقيقة “سهى” بل صديقتها عازفة الكمان و شخصية أم “راني”سهى” و”سرور” حبيب “رويدة” وأخته ريدا.

كل هذه الشخصيات التي ذكرتها نيرمين عازفة البيانو في حكايتها على الأصل العائلي ل راني وظفت لنكتشف شخصية البطل راني المرضية وتبين لنا الكاتبة مدى تأثير مرحلة الطفولة على شخصية الإنسان ولهذا استعملت أسس تحليل علم النفس للتعريف بالشخصيات..

 ونجد شخصية محورية أخرى سيلا الراوية كان لها وجود و قيمة في متن الرواية فهي التي تحرك الشخوص وجعلهم يتكلمون ويعبرون، إلى جانب أنها كانت ملجأ لأسرارهم وهذا يتضح في الحديث الذي كان يدور بين الأصدقاء الستة في الأمكنة التي يجتمعون فيها.. حديقة منزل سيلا.. مكتبة الياسمين.. مقهى الليل لمتابعة عزف راني.. الجامعة..

أتحفتنا الكاتبة بعدة قصص عن علاقات الحب وعن المشاعر التي كانت موجودة بين كريم وزينة.. وبين ياسمين وراني.. وبين سيلا وأنس برغم تغلّب الكتمان عليها أحياناً وعدم البوح…

رواية ليل شكسبيري تصنّف في الأدب الحديث وظفت فيها الكاتبة الشعر والسرد الحواري السلس وممكن أن نجد فيها القصة القصيرة.. إلي جانب رسالتين عن الحرب لعالمين مشهورين.. ألبرت انشتاين وسيغموند فرويد..

ورغم إشاراتها إلى الحرب نلاحظ أنّ الروائية أسقطت حرف الراء لتتحول الكلمة إلى حب الذي ركزت عليه في هذه الرواية وتبرز فيها قيم الإنسانية..

  خاتمة وتعليق:

عندما تتشابك حروف الأبجدية ويرسم حبر القلم أجمل الصور وأعمق المعاني يتسامى الإحساس وتستكين الروح وتمتلئ بالحب..

روائع الحروف التي تناغمت على أوتارها ترانيم من شغف فهل تتقابل النار مع الماء، الجنة مع النار المشتعلة شوقا وهياما. كان يعيش بعض أبطال الرواية في ترقب غيمة ماطرة لتروي العطش وتخلصهم من جفاف العشق واللهفة الساكنة في شغاف القلب..

جميل هذا العزف على الكلمات، لقد جعل الحروف تنضح بعمق المعنى وترانيم الموسيقى المصاحبة لنص رواية ليل شكسبيري.

محمود البقلوطي- تونس