كاتب وشاعر سوري من مدينة الشعر ( منبج ) وقد درس اللغة العربية في جامعة حلب ، ولكنه اعتقل منذ منتصف الثمانينيات في القرن الماضي بسبب انتمائه لحزب البعث جناح القيادة القومية في العراق ، وقد أمضى في الاعتقال خمسة عشر عاماً ، وكان في السجن ينظم أشعاره ويخزنها في ذاكرته ، فلما تم الإفراج عنه أصدر ديوانه ( رماد السنين ) وقد كتب صديقه الشاعر محمد علي شريف عن هذا الديوان يقول :
(رماد السنين مقاومة الأسر بالشعر : ما يدعو إلى التأمل في “رماد السنين” العنوان الموسومة به مجموعة الشاعر المبدع “حسن النيفي” المعاد إصدارها في العام ألفين وعشرين ، انزواء شحنة الحزن والرومانسيّة المشبعة لهذا العنوان لتظهر دوّامة المقاصد والدلالات التي يرمي إليها، فهل قصائد هذه المجموعة هي رماد ما احترق من عمر شاعرنا في معتقله السياسيّ وهي سنون عجاف نافت عن الخمس عشرة، أم إنّ المعنى المراد هو أنّ هذه الحقبة المظلمة لم تكن هزيمةُ ألمِها ووحشتها ممكنة لولا أن أحرقها النيفي بجمر روحه المتشجرة بنار الشعر، وأنّ رمادها الذي أزهر قصائد تكتظّ بنداءاتها وغضبها وحزنها وابتهالاتها سيبقي على جمر الثورة والرفض مستعراً ومتوهجاً ؟).
يقول حسن في إحدى قصائده :
قلتُ: السلامُ على دمٍ مُهــــــــــــراقِ
من طافح النجــــــــوى إلى مشتاق
للحالمين على امتـــــــــــداد كرامةٍ
شَرِقتْ بحَــــــــنجَرة الزمان الباقي
الواقفين على شفا أرواحـــــــــــهم
يستشرفون الموت طيفَ عنـــــاق
المُطعمين الريـــــــحَ قهرَ خيامهم
النازفيـــــــــــــــــن أسًى على الآفاق
للكبريــــــــــــاء تغصّ في زفراتهم
مثل انحباس النور في الأحـــداق
ذُبِحوا وما صَغُروا ولم يطووا على
جـــــــــــــــــــــور الطغاة بذلّةٍ ونفاق
يتشرّدون ويُطردون وما ارتجــــــوا
رمق الحـــــــــــــــياة بخسّة الأطباق
هتفوا بملء الجــــرح: لا نامت لنا
عينٌ على ذلٍّ ولا استرقـــــــــــــاق
يتماوجـــــون على موارد فجرهم
يــــــــا طيب واردةٍ وطيبَ مذاق
ومحنة الشاعر في سنوات سجنه جعلته من الواقفين على شفا روحه يستشرف الموت منتظراً عناقه ، ونجد في القصيدة تلك الكلمات المفتاحية للدلالة على مضمون القصيدة وعلى هواجس الشاعر معاً ، مثل ، الكبرياء ، ونزيفها ، والزفرات وانحباس النور في الأحداق ، والتشرد والطرد ورمق الحياة ، والذل والاسترقاق ، كل ذلك ينشر في القصيدة هول المعاناة التي يكابدها المعتقلون ، وتكشف القصيدة نضوج تجربة النيفي شعرياً والتزامه بالأصيل من الشعر ، دون نظم مصنوع أو تكلف ، وهو يقول في قصيدة أخرى :
أطفئ سراجـــــــــكَ ، لن أُعيدَ الطرفَ مُلتفِتاً ورائي
شَرِقٌ أنا بالنـــــــور والغصص السخــــــــــيّة والعناء
لا تعبثنَّ بعفّة الليـــــــــل وأحــــــــــــــــــــلام الصفاء
دعني ، ولا تشفقْ على جـــــــرحــي فتوقظَ بي إبائي
هي لحظةٌ ما مرّ فيها غير أطيـــــــــــــــــاف الشقاء
فخشعتُ في محرابك القدسيّ أضرع بالدعــــــــــــاء
وأحـــــــــــسّ دفقةَ صوتكَ المُدْمى تَرقْرقُ في دمائي
حتى إذا انتفض الدجى، وصحـــــوتُ مخذولَ الرجاء
ونهضتُ أنفض من رماد الحــــــــــلم أطراف الرداء
أمضي ووهْجُ سراجــــــكَ المفجوع يلهث في سمائي
هي لحظةٌ مرّت، ولن ألقى بثانية عزائــــــــــــــــــي
ولتجربة حسن النيفي خصوصيتها ، وقد بات شعره تعبيراً حياً ووثائقياً عن تلك المرحلة القاسية التي مر بها ، وهو مصمم على مبدئه ، وقد وجد في فضاء الحرية مع شعبه متسعاً لمتابعة الدفاع عن حقوقه ، وهو اليوم أحد شعراء التغريبة المتمكنين وهو مع الشعر ، صحفي بارع وكاتب مقالات سياسية تواكب الحدث السوري المفجع .
Discussion about this post