مولاة العيون الذبّالة
ا===========
حفظتُ تفاصيلها
كلّها،
من بقايا السّخَاب بقنينة العطر والخزفِ
.
إلى رحلة الكحل
بين الجفون…
إلى ضربة الكعب بالطَّرَفِ ..
.———
صباحا، أراقبها،
تشتري صحفا
وسجائر من بائع التُّحَفِ..
.
وأسبقها
عند مقهى الشباب
بركن يتيح ليَ الرَّمْيَ في الهدفِ..
.————
شبكتُ أنامل روحي
بطاولةٍ وَسَطا،
وانتظرتُ تقابلني عند منتصفِ..
وجاءت
شناشنُ بالنحر والعقدُ يلعب بالجيد
كالريح في النخل والسَّعَفِ…
.
تنازع عنها حقيبتها
وتشمّرُ عن معصميها
فلؤلؤة صانها العزُّ في الصَدَفِ.
.
تنادي لنادلة البهو…
يا ليتني في إشارة إصبعها
أو رنينا بخلخالها الكلفِ
———
نصبتُ لها
لمحةً عند زاويةٍ،
وشِبَاكًا من اللطف واللّهفِ…
.———-
وترشف من جنب فنجانها رشفة..
تَتَمَطّڨُ في إثرها أضلعي
ويكاد فؤادِيَ يطلَعُ من كتفي
.
أسارقها نظري،
كلما اِلْتَفَتَتْ لي.
أُذَبِّلُ جفني على طَرفِ..
.
وقلبي
يكاد يذوب من الشوق
وهي تُوَرِّقُ في الصُّحُفِ…
——————-
وكأني بشاعر(مولاة العيون الذبالة)
يقول
ما الحياة إلّا نوم وسبات والحب هو الحلم الجميل ومن لم يحبّ لم يعش أبدا….
———
فمن مجنون ليلى إلى نزار بلقيس
والحب يزهر قصائد وحكايات
والحب موجود بيننا ولكننا كشعراء نمضي العمر نكتب عنه ولا نعيشه
وينقضي العمر والحب يتسرب من بين
الضلوع وجعا وألما وقصيدة… وحلما يمر بنا ليلا ويغادرنا مع أول خيوط الفجر
وهذه القصيدة تؤكد ما ذهبت إليه
فالشاعر يسافر في مركبة حلم جميل
حفظتُ تفاصيلها
كلّها،
من بقايا السّخَاب بقنينة العطر والخزفِ
وهذا العطر الذي يتضوع في ارجاء الروح ويحيي مَوَاتًا
عطر يعيد للروح تفاصيل التفاصيل
حيث تتراءى الحبيبة في اروع زينتها
فترتبك الحواس ويقترن النظر بالسمع
في اتحاد غريب وعزف منفردعلى اوتار القلب
ومن كحل بين الجفون إلى رنة الكعب
موسيقى وخبب وإيقاع آسر
فهل استيقظ الحلم من سباته؟
وتمر اللوحة الاولى وتتبخر
ويأتي المشهد الثاني
حيث يراقب التحركات الصباحية لهذه المرأة الحلم وهو عارف بطقوس صباحاتها
تشتري الجريدة والسجائر وتقصد مقهى الشباب حيث تكون لها جلسة
وفنجان قهوة في ركنها المعتاد
فيسبقها الشاعر ويعد لنفسه متكأ في موقع استراتيجي وينتظر حلولها علها تجود بنظرة
صباحا، أراقبها،
تشتري صحفا
وسجائر من بائع التُّحَفِ..
وأسبقها
عند مقهى الشباب
بركن يتيح ليَ الرَّمْيَ في الهدفِ..
شبكتُ أنامل روحي
بطاولةٍ وَسَطا،
وانتظرتُ تقابلني عند منتصفِ..
وبعد انتظار يحل ركبها (بمقهى الشباب)
المقهى عيادة نفسية بدون طبيب نفسي يؤمها الناس باختلاف أطيافهم ومشاربهم ودرجات عشقهم ونجاحاتهم وخيباتهم وفنجان القهوة
هو الأنيس والرفيق وماسح الدمعة ومشارك الفرحة
فهي أي المقهى عند العشاق مكان اللقاء والمواعيد وتجاذب أطراف المشاعر والاحاسيس وهذا الحديث يكون بين البث والشكوى حيث تتلى كل ابجديات الاعتراف
وها هو الشاعر يجلس ينتظر قدوم هذه المرأة دون موعد مسبق بينهما
هو فقط يأتي ليتابع حركاتها وتحركاتها
ويرى العقد في الجيد والشناشن ورنة الخلخال وما تبعث في القلب من بهجة وأنس
ويحيا لحظات خلوة مع العطر والأصوات الصادرة عن الحلي الذي ترتديه كما يحيا هذا الحب عن بعد ويبدو أنه حب من طرف واحد إذ لحد هذا المشهد ما برز ما يدل على انه حب متبادل
وجاءت
شناشنُ بالنحر والعقدُ يلعب بالجيد
كالريح في النخل والسَّعَفِ…
تنازع عنها حقيبتها
وتشمّرُ عن معصميها
فلؤلؤة صانها العزُّ في الصَدَفِ.
تنادي لنادلة البهو…
يا ليتني في إشارة إصبعها
أو رنينا بخلخالها الكلفِ
وكم ينسى الشعراء ان الحياة هي الحلم وأن الحب هو واقع الحياة
واننا نحيا فقط إذا أحببنا ووجدنا قلبا يبادلنا هذا الحب
يُلاحظ أن الشاعر استطاع ببراعة أن يرسم هذا الحب من طرف واحد في لوحات متداخلة الألوان ومشاهد سينمائية متحركة حيث نرى معه حركات وسكنات هذه (المرأة) التي تتنقل في فضاء مغلق(مقهى) ولكن انتقاء الكلمات التصويرية جعلته مفتوحا ومريحا ،وهكذا وبأسلوب ملتقط للأنفاس أضفى الشاعر على المشاهد جاذبية وجمالية
كما نتابع بفضول كبير الحالة العاطفية والنفسية لهذا المحب الولهان
فهو يسارقها النظر ويذبل جفنه
ولكن دون جدوى فهي منغمسة في قراءة الصحف ولا تحس حتى بوجوده
وفي آخر القصيدة نحس بخيبة هذا العاشق الذي نقاسمه حزن خذلانه
حيث أسقطت هذه المرأة كل حساباته في الماء
قد يكون نصب شراك حبه في المكان الخطأ وكم هو محزن الحب من طرف واحد…
و الحب من طرف واحد هو دفق مشاعر غير متبادلة تصدر من شخص محب يمتلك قدرة كبيرة على توجيه مشاعره لغيره دون توقع استجابة منه، وفي الحقيقة يحتاج هذا النوع من الحب مقداراً كبيراً من التضحية
وهذا صوره الشاعر بعمق ووضوح عبر تنامي القصيد
كما فتح لنا نافذة على(أدب المقاهي)
دام ألق قصيدك
الدكتور الشاعر
حمد حاجي
بقلم الأديبة
فائزه بنمسعود… تونس
Discussion about this post