● اليوم الأول، يحمل الكثير من الإضطرابات الخطرة، سوف يكون معيار المشاعر متناقض، هلع وثبات، قلق واطمئنان، رعب وسكون، خوف وأمان، توجس وارتياح، مشاعر حذرة من الوقوع في براثن الضعف، خطوات سريعة تارة للأمام وتارة للخلف، تصبح بين مزدوجين، محاولة ضبط نفسك أمام الآخرين تنجح مرة وتفشل مرات، والتظاهر بالصلابة والقوة أمر لابد منه ولكن مستحيل الحفاظ عليه، أنت الكائن الوحيد المسؤول عن مشاعرك، لذا عليك أن تعيد ضبطها وفق المتغيرات المتحولة على الدوام، ستبكي دمًا ذات يوم مالم تشعر بالوجع ووخز الضمير والألم والتعب، لذا كل الإحتمالات سوف تلوح في أفق توقعك، وعليك عبور الوقت بأي شكل من الأشكال والتظاهر بالثبات.
● في الطوارئ سوف تواجه مجتمع مغاير كليا للمجتمع في الشارع، ومغاير للمجتمع الإفتراضي، صراخ والم وأنين، عشرات المعاطف البيضاء ومئات الأقدام،
وأنت السمكة التي وجدت نفسها داخل هذا المحيط بجرحها الضارب بعمق ذاتها، وبوجودها الطفيف في جسد البشرية المترهل، سوف تصرخ بصمت، وتصمت رغم صراخك، ولا شيء، لن يصل صوتك إلى أحد؛ وحتى إذا وصل لن يحدث إلا صدى خافت يتلاشى مع أول رد يخبرك بأنك رقم في عداد الأرقام، أنت ترس في عجلة عملاقة تحمل آلآف التروس، لن يضر أن توقفت حتى يتحرك الترس السابق، بل لن يؤثر في قافلة الوجود انكسارك، فالموضوع روتيني ولا شيء يستدعي الاستعجال و العجلة، انتظر وحسب، الأسماك التي تشبهك كثيرة، الأجساد مثخنة بالجراح، والحقيقة ألا شيء يستحق ان ينحرف مسار الروتين الطبيعي من أجل كائن مهما كان يرى نفسه إنسان، فالمعايير هنا مساواة بين الموتى والمرضى، بين المرافقين البائسين وبين الموجوعين المتألمين، بين من يطلب النجدة والرحمة، وبين من يقف على شفير الهلع بلا حول منه أو قوة.
● في الطوارئ لن تجد الفرصة لرفع رأسك كي ترى الوجوه؛ لن تجد وقت لمشاهدة قشعريرة الألم، ولا حتى من أجل تأمل دموع العيون الثكلى وجفاف وشحوب نظرات المرافقين الغارقة بالتوجس والخوف والهلع، فقط سوف تضع نظرك في الأرض؛ تعد الأقدام التي لا تحصى ولا تعد، والتي لا تتوقف عن الركض، أقدم تحاول الفرار من الجراح، وأقدام تعدو بسرعة محاولة لحاق العافية، وأقدام خائرة تُسحب كأنها تُجر إلى مقاصل جماعية، وأقدام تحاول عبور خيط الحياة؛ وأقدام لا مبالية بوجع أو موت أو حياة، وأقدام لم تعد قادرة على حمل أجساد متهاوية جاثية، وأقدام أعاقها الزمن وكسرها، تحاول تجبير نفسها بدعامات من أجل الثبات هنا الواقع يتجسد بكل حذافيره والحياة تولد وتسرق والبشر وحوش وملائكة.
Discussion about this post